الحرب القذرة
يعلم كل من مر بتجربة قبول احد ابنائه في جامعة غربية مرموقة ضرورة خضوعهم لمقابلة شخصية يتم فيها تقييمهم من كافة النواحي، ومعرفة قدراتهم وميولهم قبل قبولهم نهائيا في تلك الجامعة، وتتم المقابلات بصرف النظر عن تواضع التخصص المطلوب دراسته.
نشر في احدى الصحف مقال قبل ايام ينتقد المقابلات الشخصية التي تقوم بها كلية الطب للراغبين في الالتحاق بهاِ وقال انه قرأ في 'الصحف' تصريح احد المسؤولين الطلابيين الذي ذكر فيه احتجاجه على نوعية الاسئلة التي كانت توجه للطلبة الذين تمت مقابلتهم، والتي تراوحت بين السؤال عن رأي الطالب في بن لادن، وآخر عن حقوق المرأة السياسية وثالث عن مذهبه وأخرى تتعلق بلحاهم وتدينهمِ وأضاف انه من اجل ان لا يظلم اي طرف، فقد قام بالاتصال بالمسؤول الطلابي الذي اكد له الخبر، ولكي يكون منصفا اكثر فقد طلب مقابلة الطلبة الذين وجهت اليهم تلك الاسئلة ولكن السفر داهمه ولم يستطع ذلك!.
من المؤسف جدا ان يكتب مقال قاس يتهجم فيه صاحبه على واحدة من احسن كليات الجامعة، ويصفها بكل تلك الصفات التي وردت في المقال المذكور بناء على تصريح مقتضب نشر في الصحف، دون ان يكلف نفسه التأكد من ذلك الاتهام الخطير ممن صدر عنهم الاتهام، كما لم يهتم حتى بالاشارة الى محاولة الاتصال بمسؤولي كلية الطب للتأكد من حقيقة ما صرح به اولئك الطلاب الذين رفضت طلبات التحاقهم بالكلية! قمت من طرفي بالاتصال بالدكتور عبداللطيف البدر، عميد كلية الطب، الذي نجح ومن سبقه من كبار الاطباء الذين امتازوا بالعمل بإخلاص وتفان ولكن بصمت ووقار، في ان تصل الكلية إلى ما هي عليه من مكانة عالية ومميزة بين مختلف الكليات في العالم العربي، وسألته عن حقيقة ما ورد في المقال المذكور، فنفى ذلك بشدة، جملة وتفصيلا! ولعلم كاتب المقال وغيره، فان التكلفة السنوية لدراسة الطب في الكويت تكلف الدولة مبلغا يزيد عن 75 ألف دولار.
ومن المعروف ان نسبة كبيرة من طلبة الطب بالذات تعجز عن اكمال تعليمها، وخاصة في السنوات الأولى من الدراسة بعد تعرضها لمجموعة من الصدمات الفكرية والنفسية والأخلاقية، وتترواح هذه النسبة بين 40 في المائة، كما كانت عليه الحال في جامعة الكويت قبل سنوات، وبين 5 في المائة في الجامعات المتقدمة التي تقوم بتعريض الراغب في دراسة الطب لمختلف الاختبارات الشخصية والمقابلات الصعبة قبل الموافقة على طلب الالتحاق.
واستطاعت الادارات التي تعاقبت على كلية الطب في الكويت في السنوات الاخيرة تخفيض نسبة عدم إكمال الدراسة أو drop out إلى 20 في المائة فقط وجار تخفيض هذه النسبة.
ويبدو ان هذا الاسلوب، او الطريقة الصارمة التي تمت بها تلك المقابلات الشخصية المهمة، والتي تحدد مدى كفاءة وملاءمة شخصية الطالب لدراسة واحدة من اكثر المهن رقيا لم ترق للبعض، وخاصة من جماعة كاتب المقال، فقرروا الانتقام من كلية الطب وعمادتها بتلك الطريقة الرخيصة ذات النبرة الطائفية الواضحة.
ونختم مقالنا بالفقرة الأخيرة التي وردت في مقابلة دِ عبداللطيف البدر لجريدة السياسة والتي ذكر فيها: 'ِِ ان الكلية ومنذ انشائها لم تهتم بالمهاترات السياسية وليس لديها وقت للانشغال بمثل هذه المسائل، خاصة اذا تضمنت اكاذيب سافرة من اشخاص لا هم لهم الا تشويه صورة الكلية والنيل من سمعتهاِِ'.
يبدو واضحا ان توقيت إثارة هذه القضية له علاقة باختيار المدير الجديد لجامعة الكويت!
أحمد الصراف