البر والإحسان والمودة والكره. والكفر والمعصية
يبدو، ومن واقع كم الفتاوى الهائل الذي يصب علينا من كل مكان، وفي كل يوم ولحظة، ان ما يصدر عن جهات الافتاء في كل دولة يخص مواطنيها والمقيمين فيها، ولاينسحب بالتالي على الدول الاخرى بالضرورة، وهذا يعني توقف العمل منذ زمن طويل بعالمية الفتاوى الدينية، والامثلة على ذلك كثيرة ولا يمكن حصرها، ومنها فتوى قتل الكاتب البريطاني سلمان رشدي مثلا، التي لم تكتف غالبية الدول الاسلامية بتجاهلها، بل اصر البعض منها على عدم مشروعية تلك الفتاوى أصلا!.
وعليه يمكن اعتبار ما يصدر عن جهات الافتاء في الكويت وما اكثرها، والتي تتراوح بين فتاوى خريجي المعهد الديني وتلك الصادرة عن لجنة الفتوى في وزارة الاوقاف، مرورا بالفتوى والتشريع التابعة لمجلس الوزراء، ذات طابع محلي بحت وتخص مواطني الدولة بشكل خاص.
شعرت بالحزن والآسى بعد قراءة فتوى لجنة الاوقاف، التي نشرتها 'القبس' قبل ايام، والتي ذكرت فيها انه يجوز للمسلم اتخاذ الاصدقاء من النصارى ومعاشرتهم بالبر والاحسان والقسط والعدل، وتبادل الزيارات معهم، ولكن! يجب ان لا يميل قلبه اليهم، ولايناصرهم، ويجب ان يبين كراهيته لما هم عليه من كفر ومعاص، كما ان عليه استثمار صداقته لهم لدعوتهم إلى الاسلام!.
ولا اعرف حقيقة كيف يمكن صدور مثل هذه الفتوى المتناقضة وغير المفهومة من هيئة حكومية لا عمل لها غير اصدار الفتاوى، ولا ادري من يقف وراء اصدار مثل هذه الامور المربكة والمسيئة للاسلام والمسلمين، وكيف يمكن الموافقة على اصدار مثل هذه الفتوى، ولا اخاله غير ذلك الذي عين احد المستشارين ليدافع عن قضايا الاسلام والمسلمين امام لجان ومنظمات حقوق الانسان في العالم اجمع، وهو الذي لم يستطع الرد قبل ايام فقط على مقال واحد للسيد احمد البغدادي في جريدة 'السياسة'.
لا ادري كيف يمكن لاي انسان مدرك وعاقل فهم مغزى فتوى وزارة الاوقاف وتطبيق تعليماتها والمواءمة بين امر اتخاذ الاصدقاء من اهل الكتاب، وهنا نقصد مسيحيي الكويت بالذات، الذين لا يتجاوز عددهم المائتي فرد بكثير و'معاشرتهم بالبر والاحسان والقسط والعدل'، من جهة، واستغلال هذه الصداقة لدعوتهم الى الاسلام، وان نبين لهم كراهيتنا لما هم عليه من كفر ومعاص، من جهة أخرى، وكيف يستسيغ صدور فتوى رسمية 'تسمح' لنا كمسلمين وككويتيين باتخاذ اصدقاء مسيحيين من مواطنينا ومعاشرتهم 'بالبر والاحسان والقسط والعدل' شريطة ان لا يكون بيننا مودة ورحمة؟ وما البر والاحسان والعدل في المعاشرة وفي التعامل ان خلت هذه العلاقة من المودة؟.
وبعد كل هذا تقوم وزارة الاوقاف، وبكل 'قوة عين'، بتشكيل لجنة 'تنفيعية' للرد على تقارير لجان ومنظمات حقوق الانسان في العالم، وهي التي عجزت عن الرد على تقرير حقوق الانسان في الكويت الصادر عن لجنة حقوق الانسان في مجلس الامة الكويتي!.