من يعلق الجرس؟
ورد في 'الوطن' وعلى لسان مراسلها في جدة 'عمر جستنية' ان السعودية تتجه لاحياء مشروع تقويم مناهج الدراسة في أولى خطوات معادلة الواقع بالمستقبل بعد سنوات من الجدل في شأن الأسباب وراء تدني مستوى الطالب واختفاء الموهوبين.
وذكر المراسل، نقلا عن وزير المعارف السعودي، ان المسلمات التربوية التي كنا نؤمن بها قبل 30 عاما اختلفت ولم تعد مصدر التلقي الوحيدِ كما اشتكى الكثير من التربويين هناك من ضعف مستوى ونوعية الطلبة وحاجة خريج الجامعة السعودية الى إعادة تأهيل لمساعدته على دخول معترك العملِ كما يشكو سوق العمل من وجود اعداد كبيرة من الخريجين في تخصصات غير مطلوبة، ويشكل هؤلاء نسبة كبيرة من البطالة الموجودة في المملكة!.
لا اعتقد اطلاقا بأن الوضع التعليمي في مدارس الكويت أفضل بكثير جدا من الوضع في السعودية، هذا ان لم نكن في حال اسوأ في مجالات أخرىِ وعليه، نعتقد ان العملية التعليمية في الكويت تحتاج أولا الى إعادة اسمها اليها، حيث لم يثبت ان طلاب الكويت، ومنذ ان تم تغيير مسمى الوزارة من 'التربية والتعليم' الى 'التربية' فقط في نهاية الستينات، قد أصبحوا أكثر تهذيبا وتربية.
كما تحتاج العملية التعليمية الى الأخذ بمتطلبات العصر الحديث والبعد عن الموروثات المهلهلة القديمة التي لم نجن منها غير كراهية الآخر وزرع بذور التفرقة بين فئات المجتمعِ كما يتطلب الأمر قرارات شجاعة تتعلق بوقف نظام التعليم المزدوج، أي التعليم العام والدينيِ حيث ان دين الاسلام هو دين الفطرة، ولا كهنوت فيه، وعلاقة الانسان بربه علاقة مباشرة ولا تحتاج الى وسيط، مما يجعلنا نتساءل عن مصير آلاف خريجي المعاهد الدينية في السنوات المقبلة وربما حاليا!.
تواجه حركة التعليم في الكويت، وفي العديد من الدول العربية والاسلامية الأخرى، معضلة مستعصية لا يمكن حلها بغير جراحةِ فما هو متبع حاليا في المدارس والمعاهد الدينية من تركيز شديد على المواد الدينية وتركيز أقل بكثير على المواد الادبية والثقافية والعلمية والمختبرية الأخرى أمر ليس في صالح التعليم.
فإما ان تعليمنا العام ليس سليما، ويحتاج بالتالي الى جرعة أكبر من المواد الروحية الدينية، وهذا ما لا يمكن ان يتم إلا على حساب المواد العلمية الأخرىِ وإما ان تعليمنا الديني غير عصري وغير حديث، ويحتاج بالتالي الى جرعة من العلوم الأخرى غير الدينية، وهذا لا يمكن ان يتم دون ان يؤثر على الوقت المخصص للمواد الدينية!ِ وهذا يعني ان النظامين على خطأ من ناحية المبدأ، ولا يمكن ان يصلح الأمر بغير وقف نظام التعليم المزدوج وتطوير مناهج التعليم بشكل عام لتصبح اكثر مواءمة ومواكبة لروح العصر، وبغير ذلك فعلى شباب هذه الأمة وأبنائها السلام.