حق أسامة وسليمان
من الصعب حصر عدد الكتاب في الصحافة الكويتية الذين طالبوا، ولا يزالون، بحصر عملية الافتاء في اضيق الحدود، وعدم ترك الحبل على الغارب لكل من شاء ليفتي يمينا وشمالا، يكفر هذا ويبرئ ذلك وهو سعيد وفخور بما يفعل باسم الدين والشرع والمحافظة على الاخلاقِ ولا اعتقد ان هناك دولة على وجه الكرة الارضية شرقية كانت ام غربية، صغيرة كانت ام كبيرة لديها من المفتين المفتتنين بانفسهم قدر ما لدينا منهمِ فصورهم وتصريحاتهم وفتاواهم تملأ الصحف والمجلات وتغطي شاشات التلفزيون لساعات وساعات، وآراؤهم الدينية والدنيوية تملأ العقول والاجواء، سواء ما تعلق منها بالسطحي من الامور او من ذلك النوع الجاد، ولغالبيتهم رأي عند كل ضربة سيف أو دقة طبل او اعلان بلاءِ ولا اعتقد ان سيل الافتاء من كل حدب وصوب سيتوقف يوما او تتباطأ مسيرته، ما بقينا مصرين على المحافظة على الرديء من مناهجنا الدراسية وسكوت حكوماتنا عما يجري على الساحة المحلية واصرارنا على ان طأطأة رؤوسنا للجاهل منا وقليل الحيلة وعديم الصنعة والساحر والدجال والمشعوذ والطبيب المعالج بما لم ينزل ربك من افعال عند تلحف هؤلاء واولئك برداء الدين او الادعاء بالتمسك بما ظهر من اهدابه الظاهرة من لحية كثة وبسملة مستمرة وحوقلة لا تنقطع، ودشداشة قصيرة واصرار على التواجد في كافة وسائل الاعلام، وفرض النفس على الغير وممارسة كافة اشكال الارهاب عند رفض اول طلب لهم.
ولو حاولت اية جهة جمع وحصر ما صدر في العقود الثلاثة الاخيرة من فتاوى في هذا الامر او تلك المسألة لاصيب بدوار وصداع مزمن سوف لن يفارقه ما بقي حياِ وقد دهشت حقيقة عندما اطلعت على ذلك الجهد المبذول من قبل الباحث الجيد الزميل حمزة عليان في تجميع كم الفتاوى والآراء التي قيلت في الفترة القصيرة الماضية، التي تعلقت بالحرب الدائرة في افغانستان وموقف رجال الدين منها.
يلاحظ في مجموع تلك الفتاوى انها لم تتفق على موضوع تحريم التعاون مع الولايات المتحدة في حربها ضد اية دولة اسلامية! كما ان آراء اصحابها تضاربت فيما يتعلق بادانة الاعمال الارهابية التي وقعت في الولايات المتحدةِ وان بعضهم ايد ما حدث في نيويورك وواشنطن ووصفها بانها نوع من الواجب الشرعي!! كما تضاربت الآراء في موضوع تحديد دور بن لادن في الاعمال الارهابية الاخيرةِ كما لم تتفق تلك الفتاوى حتى في ما يتعلق بجواز مشاركة العسكريين المسلمين الاميركيين في الحرب ضد دولة اسلامية.
نعود للفقرة الاولى من المقال ونقول ان جميع محاولاتنا للاعتراض على ترك باب الافتاء مفتوحا لكل شخص بصرف النظر عن سنه وعلمه وفهمه قد فشلت فشلا ذريعاِ وكان رجال الدين على رأس المعترضين على آرائنا، حيث قاموا بتقديم اكثر من شكوى في حقنا، سواء في المحاكم أو لدى رئيس التحرير، وتم تسفيه البعض من، وربما كل، آرائناِ وقيل عنا الكثير ليس أقله أن لا حق لنا في الكتابة والتطرق لمثل هذه المواضيع، نقول انه كان هناك اصرار عجيب، ومن مختلف الاطراف، على ابقاء حق الافتاء للجميع بالرغم من وضوح مضار هذا الامر دينيا واخلاقيا واجتماعيا، وما يسببه هذا الامر من ربكة وتناقض وتضارب!
ولكن ما ان بدأت بشائر فتاوى بن لا دن وابو غيث وغيرهما من رجال القاعدة والواقفة تهل علينا من كل حدب وصوب تخون هذا وتكفر ذلك، وتحمد هذا الطرف وتلعن تلك الجهة، حتى هب رجال الدين انفسهم وبقية الاطراف الذين سبق وان لعنونا وشككوا في وطنيتنا ومصداقيتنا بسبب ما سبق وان اوردناه من ضرورة تقييد حق الافتاء، هبوا جميعا منتقدين مكفرين رافضين، حق اسامة في اصدار الفتاوى وحق سليمان في ما يماثلها، وانهما وبقية المفتين والمفتتنين من جماعتهما لا يمثلون الاسلام ولا المسلمين وانهم كذا وكذا ويفتقدون العلم والدراية وتنقصهم الخبرة والاهلية وان لا صفة دينية لهم تعطيهم الحق في اصدار الفتاوى!
من حقنا هنا ان نتساءل عن الجهة التي بيدها امر تكفير هذا الطرف او تلك الجهة ومنعها من الافتاء او الموافقة لها على قول ما تشاء دون عقاب او عتاب!
لا تعليق!!!