موقف مخجل وسيئ جدا
أثار قيام استاذ روسي زائر بالقاء مجموعة محاضرات في مقرري 'اصول الفقه' و'علاقات دولية في الاسلام' بكلية الشريعة ازمة بين جمعية الشريعة وعمادة الكليةِ حيث استنكرت الجمعية، عبر بيان اصدرته، قيام ذلك الاستاذ بالتدريس في كلية الشريعةِ وتطور الامر عندما قامت مجموعة من الطلاب بجمع عدد من التوقيعات واصدار بيان استنكروا فيه صمت اساتذة الكلية على قيام الاستاذ الروسي بالتدريس في كلية الشريعةِ وطالب البيان كل الغيورين و'الصالحين' بالتدخل لحل هذه المشكلة باعتبارها منكرا عظيما! وفي الاتجاه نفسه بدأت بوادر تحرك نيابي من مجموعة من النواب المنتمين للاحزاب الاسلامية لمساءلة الجامعة على استقدام ذلك الاستاذ الزائر!
الغريب في الامر ان الاحتجاج والصراخ والاستنكار ومطالبة التدخل وطرد الاستاذ الروسي لم تنطلق من كون ذلك الاستاذ جاهلا بوظيفته او ضعيفا في مادته الدراسية او لقلة درايته بعمله، او لانه خرق القوانين الجامعية او لانه لم يلتزم باللباس الجامعي المحتشم، او لانه ضبط متلبسا في جريمة اخلاقية او لرغبته في الزواج من كويتية او لعدم قيامه بدفع فاتورة مطعم بل لأنه، وبمنتهى البساطة، مسيحي! ولا يجوز له بالتالي التدريس في كلية الشريعة!
لا ادري من الذي وضع مواصفات الدخول لكلية جامعية يفترض ان تكون 'علمية' هدفها طلب العلم من اي جهة واي طرف كان بصرف النظر عن اي اعتبار آخرِ ولا ادري الهدف من وراء مثل هذا المنطق الاعوج، ولا اعلم حقيقة كيف يمكن ان نتعلم ونتثقف ونستفيد من خبرات الآخرين اذا كان هذا منطق طلبتنا 'الجامعيين' ومرشديهم من الاساتذة امثال السيد بسام الشطي.
لينظر كل فرد من افراد جمعية الشريعة، وعلى رأسهم رائدها السيد الشطي، الى كل امر في حياتنا ومصدر كل ما نملك ونستعمل من لباس وطعام ومواد بناء وأقلام ووسائل نقل متنوعة وطرق وسلاح جيش وشرطة وعلاج ودواء، ولا نود هنا ان نتطرق لملابسات وظروف الغزو والتحرير، ويسأل نفسه: لماذا لا نتخلى عن هذه الامور ايضا؟ فاذا كنا نرفض العلم من طرف، فقط لكونه يختلف في ديانته عنا، فمن باب اولى رفض شراء او استعمال كل ما يقوم ذلك الطرف بانتاجه وتصنيعه من مواد واختراعات لكي لا نساهم في تقويته.
نعلم ان النقاش هنا نوع من اللغو، ويكاد يكون عقيما، ولكننا مجبرون على الكتابة عنه لكي لا نتهم باللامبالاة اضافة الى التهم الاخرى التي سبق وان الصقت بناِ وليقم هؤلاء المحتجون واساتذتهم بدراسة التاريخ اولا ليروا بانفسهم مدى جهلنا وقلة حيلتنا وهوان امرنا نتيجة اصرارنا على ان العلم والخبرة والفقه والمعرفة لا توجد الا عندنا!
ما حدث في كلية الشريعة امر مؤسف ويدعو حقيقة الى الخجل، اما موقف العميد السيد محمد عبدالغفار الشريف من هذه المأساة المخجلة فهو موقف مشرف يستحق الشكر والثناء عليه، ونرجو ان يصمد في موقفه، فقد اصبح اصحاب المواقف العظيمة قلة!
أحمد الصراف