أين الخلل؟
تبين الأرقام المتوافرة أن عدد المنتمين لمختلف معاهد الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب في أول عام تأسست فيه (1982) كان بحدود سبعة آلاف متدرب ومتدربةِ أما عددهم اليوم، وبعد مرور 18 عاما، فيبلغ 25 ألفا! كما بلغت ميزانية الهيئة في سنة التأسيس 16 مليون دينار وهي الآن تتجاوز 76 مليون دينار.
ولو أخذنا متوسط هذه الارقام لوجدنا أننا قمنا بصرف ما يقارب ثلاثة بلايين دولار على تخريج أكثر من خمسين ألف متدرب وطالب وطالبة، وعلى مدى 18 عاما فقط، هذا دون أن نأخذ في الاعتبار مئات ملايين الدنانير الاخرى التي أكلتها والتهمتها 'الكلية الصناعية' لفترة ثلاثة عقود سابقة على تاريخ تأسيس الهيئةِ ولوجدنا أن المحصلة النهائية، بعد كل هذا المال الذي أنفق والجهد الذي أريق والسنوات التي ضاعت، كانت في ضخ عدد محدد سنويا من الأيدي العاملة نصف المتعلمة ونصف المتدربة في أجهزة ودوائر الدولة المتضخمة والمتخمة بآلاف العاملين أصلا ومن جماعة 'تعال باكر'، وبالذات من الموظفات اللواتي تكدسن في مختلف أجهزة الدولة وفي وظائف ادارية متواضعة لا تعرف نسبة كبيرة منهن غير اعطاء الأوامر للفراش البنغالي ليقوم بتصوير المستندات وتخريم الأوراق ووضعها في الملفات الخاطئة، واقتصار عمل عدد منهن على وضع ختم الوزير أو الوكيل في المكان المناسب على المراسلات الرسمية!.
نريد أن نسأل عن حجم الانفاق، والذي يتمثل في الوقت والجهد والمال، الذي أنفق ولا يزال ينفق على تدريب طلاب الهيئة، مثلا: على مهنة لحام المعادن؟ وعدد مزاولي هذه المهنة حاليا من الكويتيين، بعد كل ما صرف من وقت ومال على تدريبهم؟ ولماذا نصر على الصرف على مثل هذا النوع من التخصص ونحن على يقين تام بأن معظم، إن لم يكن كل، المتدربين على هذه المهنة سينتهي بهم الحال في مجال آخر أبعد ما يكون عن شرر اللحام 'ومغثته'!.
نريد أن نسأل عن عدد ساعات التدريب والمواد التي أريقت وأسيلت على تدريب مجموعة كبيرة من طلبة المعهد على أعمال النجارة والطلاء وكم هو اليوم عدد الصباغين أو الطراشين الكويتيين منذ أن تخرجت أول دفعة منهم من 'الكلية' الصناعية قبل أربعين عاما؟.
نريد أن نعرف مصير عشرات الآلاف من طلبة وطالبات الهيئة الذين تدربوا على مختلف المهارات الفنية والميدانية والعملية والمختبرية وكلفوا الدولة مئات ملايين الدنانير، والى أين انتهى الحال بهم وبهن؟ وهل هناك دراسة ميدانية تبين مصير هؤلاء بعد سنة مثلا من قيامهم باستلام شهادات التخرج تحت أضواء فلاشات كاميرات التلفزيون والتصوير وظهور صور البعض منهم ومنهن في مجلة الهيئة مع كبار مسؤوليها؟.
وهل من مسؤولية الهيئة معرفة مصير ما تقوم بضخه سنويا لسوق العمل من آلاف الأيدي شبه المدربة وشبه المتعلمة؟.
وما هو مصير المجمع التكنولوجي الخاص بالهيئة الذي لايزال قيد الانشاء منذ خمسة عشر عاما تقريبا، والذي ستزيد تكلفة انشائه اذا تم الانتهاء منه في موعد لم يحدد بعد عن 200 مليون دينار؟.
مجموعة من الاسئلة التي نأمل ان نجد لها ردا عند مسؤولي الهيئة.
أحمد الصراف