هل مات المنطق فينا؟
لا ادري ماذا حدث لعقولنا، ولماذا اصبحنا نتصرف بكل تلك السلبية ولماذا تعلمنا وتعلم من سبقنا وتعلم الكثيرون من بعدنا؟ِِ اذا كنا سنضع العقل في نهاية الامر جانبا ونتصرف وكأننا نحتاج الى 'ارشاد' قبل كل خطوة، وفتوى لكل تصرف، ورأي ديني في كل قرارِ ولماذا اصبحنا نعيش في مجتمع ارهابي يؤول كل امر بطريقة دينية وكأن ليس للعقل والادراك والخبرة والفطرة مكان في حياتنا، ولماذا اصبحنا نعتقد بان كل من يمتلك، ولو طرفا من ناصية الدين، من حقه ان يتحكم في حياتنا ويسيرنا كيف يشاء، ويشتهي، ويرغب، ويريد، ويحب؟!
***
تحتاج الحيوانات، كما البشر والنبات، الى عملية تحصين دورية من الامراض الخطرة والمعديةِ وتعتبر عملية تحصين الحيوانات من اهم المسؤوليات التي تقوم بها الهيئة العامة للزراعة، نظرا لكبر عدد الاغنام المحصنة سنويا والتي تبلغ حوالي المليون رأس.
وتستخدم في التحصين لقاحات متنوعة وغالية الثمن، وتعتبر عملية تمييز الحيوان المحصن عن بقية الحيوانات امرا في غاية الضرورة، حيث ان تكرار التحصين للحيوان نفسه قد يتسبب في مشاكل صعبة له اضافة الى هدر اللقاح الذي يكلف الدولة مبالغ طائلةِ ويتبين من ذلك ان عملية تحصين وترميز الحيوان امران مهمان جدا لوقاية الانسان من الامراض المعدية ولسلامة الحيوان نفسهِ وبالرغم من منطقية هذا الامر الذي لا اعتقد ان هناك عاقلين، ان وجدا، يختلفان عليه الا ان الهيئة العامة للزراعة اضطرت، تحت الحاح شديد من اولئك الذين يسعون جاهدين الى تغييب عقولنا والغاء ما تبقى لدينا من منطق، الى رفع الامر لوزارة الاوقاف وسؤال ادارة الافتاء والاحكام الشرعية فيها عن مدى شرعية عمل ثقب صغير في اذن الحيوان كدليل على حصوله على حقنة التحصين لعدم تكرارها وكدليل على سلامة الحيوان للاستهلاك البشري!
ولكم ان تتخيلوا الوضع لو كان جواب الادارة سلبيا!
اما القول ان المنطق يقول بعكس ذلك وان ادارة الافتاء لا يمكن ان تفتي الا بما فيه مصلحة الانسان، فان من حقنا ان نتساءل هنا عن الداعي لاثارة مثل هذه المواضيع وتوجيه مثل هذه الاسئلة التي تتعلق بشرعية عمل ثقب لا يتجاوز المليمترات في اذن خروف!! فمنطق وعقل القائمين على تلك الادارة مساويان لمنطق وعقل الكثيرين منا ولم يكن هناك داع اصلا لالغاء عقولنا وتسليم امرها للآخرين، وان اصررنا على ذلك فان هذا يعني ان هناك خرما كبيرا في عقولنا يحتاج الى رتق سريع!!
***
ملاحظة:
نشر احد المتزمتين فكريا ودينيا (الوطن 29/11) قائمة بمجموعة من الكتب العلمانية التي قام بفبركة اسمائها وذلك ردا على قائمة الكتب الحقيقية التي نشرناها بمناسبة معرض الكتاب الاخيرِ وقد اعجبني عنوان احدهاِِ وكان يحمل الرقم 12 ضمن تلك القائمة!.
احمد الصراف