حكاية برسم وزير النفط
يحكى أن جحا قام يوما باستعارة قدر طبخ من بيت أحد جيرانه، وبعد ايام أعاد له القدر ومعه صحن صغير، وعندما أخبره الجار ان الصحن لا يخصه قال له جحا ان القدر قد أصيب بحالة 'حمل' عنده وولد ذلك الصحن الصغير، وتعود بالتالي ملكية الصحن له!!
ابتسم صاحب البيت من سذاجة جحا وأخذ القدر والصحن منه بدون كلام كثير.
تكررت القصة مع بقية الجيران وانتشرت رواية توالد القدور في بيت جحا وأصبح الأمر حديث الناس، وبدأت وفودهم بالقدوم من كل فج عميق كل يحمل قدوره لكي تلد في بيت جحا.
وفي أحد الأيام وبعد ان تجمع العديد من القدور لديه وتكاثرت معها مطالبات أصحابها باستردادها أعلن جحا فجأة عن 'موتها' جميعا!!.
أخذ الناس بالسخرية من ادعاء جحا، وتساءلوا: كيف تموت القدور وهي مصنوعة من الحديد أو النحاس؟ وهنا فاجأهم جحا بالقول: عندما أخبرتكم بولادة قدوركم عندي لم يعترض أحدكم ولم يتساءل عن حقيقة الأمر وناسبكم أن تصدقوا كلامي، ولكن عندما أخبرتكم بموت قدوركم رفضتم تصديقي بحجة أن القدور لا تموت!!.
نقول ذلك بمناسبة الارتفاع الكبير الذي طرأ مؤخرا على اسعار النفط حيث أخذت الدول الغربية وأميركا واليابان بالشكوى من اسعار النفط العالية وطالبوا الدول المنتجة بزيادة الانتاج لكي تنخفض الاسعارِ وهددت تلك الدول وتوعدت باتخاذ مختلف الاجراءات لمعالجة الوضع وقالت ان هذا الارتفاع الكبير يضر بمصالحها ويسيء لاقتصاداتها!!.
وهنا يحق لنا أن نتساءل: أين كانت تلك الدول عندما وصلت أسعار البترول الى الحضيض بحيث اصبحت تكلفة انتاجها، في بعض الدول المنتجة، مقاربة لأسعار بيعها؟ وهل عرضت أية دولة أوروبية مثلا مد يد المساعدة لدولة نفطية واحدة بسبب ما أصاب اقتصاداتها من خسائر نتيجة انخفاض الأسعار؟ وكيف تريد تلك الدول منا أن نصدقها بأنها تتعرض لأعظم الخسائر بسبب ارتفاع اسعار البترول في الوقت الذي لم تشغل نفسها بالتفكير في ما أصاب اقتصادات الدول المنتجة من آثار مدمرة كلما انخفضت أسعار البترول؟.
ان سكوتها المريب عند انخفاض أسعار النفط يجب أن يقابل بسكوت مماثل عند ارتفاع الاسعار، فمن يريد ان يصدق انه من الممكن ان تنخفض الاسعار الى اقل من تسعة دولارات ولا ينتج عن ذلك أي ضرر لأي طرف حري به أن يصدق ان لا شيء يمكن أن يحدث لأي طرف اذا ما ارتفعت الاسعار الى مستوياتها الحالية، أو أكثر؟!
احمد الصراف