مؤامرة 'بيل غيتس
يعتقد الكثيرون، رجالا ونساء، بنظرية المؤامرة، وبأن قوى جبارة الحجم مخيفة التأثير تسيطر على مقدرات الكثير من الشركات والحكومات والأنظمة، وبأننا نعيش في غابة مخيفة لا احترام فيها لقانون او عرف، ولا مكان فيها للرحمة والشفقة، وبأن بإمكان المال، او من يملكه، ان يطيح بالحكومات، ويقتل الافراد ويحرض الجماهير ويفعل المستحيلِ وقد تكون هذا الاعتقاد على مر السنين إما بتأثير من بعض الافلام الاميركية، او بالدعاية المضادة لها التي رسخت في اذهان الكثيرين هذا الاعتقاد الذي وجد قبولا لدى قطاع كبير من شعوب الشرق الاوسط والمسلمين منهم بالذات، بسبب عجز هؤلاء التام عن تبرير وتفسير كل ذلك الكم الهائل من الاحداث والمآسي التي تجري في محيطهم ومن حولهم وبسبب عقدة الاضطهاد التي يعاني منها الكثيرون، والتي نعتقد انها نتاج مؤامرة ضد العرب والعروبة والاسلام والمسلمين.
في مساء يوم الاربعاء 7/6/2000 بين حكم اصدره قاض فدرالي اميركي، وبصفة منفردة، مدى خطل وسخف هذا الاعتقادِ حيث تبين ان المال، ولو كان بمئات بلايين الدولارات لا يستطيع ان يفعل الكثير أمام ارادة حرة وقرار شجاعِ فقد تم بموجب ذلك الحكم تقسيم شركة 'مايكروسوفت'، التي تعتبر اكبر شركة متخصصة في برامج الكمبيوتر، الى شركتين مستقلتين متنافستين، منهيا بذلك واحدة من اكبر قصص النجاح المالي في العالمِ وقد أدى قرار هذا القاضي الاعزل من كل سلاح، والذي يتنقل بصورة عادية بين بيته والمحكمة بدون أية حراسة شخصية، الى تقلص ثروات الكثير من رجال الاعمال والشركات العملاقة ومئات آلاف المتعاملين بأسهمهاِ وكان بإمكان اي منهم، بموجب نظرية المؤامرة، وبمساعدة ما يسمى بالعالم السفلي والمافيا الدولية التي بإمكانها اسقاط الحكومات وترتيب الانقلابات في الدول الخارجية، والتي يقال عنها انها تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في الولايات المتحدة ودول اوروبا الغربية الى درجة اختيار رئيس الولايات المتحدة الاميركية نفسها، الاستعانة بها لقتل هذا القاضي وكل من يحل محله مستقبلا، او على الأقل تهديده بالقتل، قبل ان يتخذ احد قرار تقسيم تلك الشركة العملاقة.
اننا لا ننفي هنا النظرية كليا، ولكن ندعو لعدم الشطط، والتروي قبل النطق بقرار الاتهام بدون أدلة واضحة.
احمد الصراف