شركة 'ايفا أير
رغم كل ما تواجهه تايوان من مخاطر سياسية تتمثل في احتمال عودتها إلى الصين الشعبية، وما يعنيه ذلك من احتمال إلغاء نظام الاقتصاد الحر السائد فيها، إلا ان ذلك لم يمنع مواطنها 'وايِ إفِ شانك' من أن يقوم في سبتمبر من عام 86 بشراء باخرة نقل حاويات صغيرة سرعان ما تلاها بأخرى وأخرى الى ان اصبحت شركته التي اسسها قبل ثلاثين عاما اكبر شركة حاويات في العالم، وجزءا من مجموعة صناعية ومالية كبيرة تتخذ من تايبيه، عاصمة تايوان، مقرا لهاِ وتمتلك المجموعة إضافة لذلك فنادق ومنشآت بحرية وصناعات ثقيلة ومحطات حاويات في مختلف الموانئ العالمية.
وكان آخر إنجازات شانك تأسيس شركة طيران 'إيفا أير' وهي الشركة التي أقلتني طائرتها إلى تايوان في رحلتي الأخيرة لتلك المدينة، وأعادتني منها إلى دبي، والتي كان السفر معها تجربة مثيرة بحد ذاتها.
تمتلك 'إيفا أير'، التي تأسست في العام نفسه الذي تحررت فيه الكويت (يوليو 91) أكثر من 35 طائرة من مختلف الأنواع بينها عدد من نوع بوينغ 747 ـ 400 تستعمل لنقل الركاب وللشحن الجوي وبلغت ايراداتها في نهاية عام 99 أكثر من 48 بليون دولار تايواني أي بليون ونصف البليون دولار اميركي (!!!).
أكتب ذلك لأقارن بين وضع تلك الشركة التي لم تكمل سنواتها العشر والتي تمكنت خلالها من تكوين أسطول طائرات ضخم وتحقيق رقم إيرادات خيالي وأرباح عالية لصاحبها، وبين وضع شركة طيراننا الوطنية التي تمتلكها الدولة وترعاها وتجبر موظفيها وطلبتها وضيوفها والآخرين على ركوبها، والتي لم تتوقف الدولة يوما، ومنذ تأسيسها، من تقديم مختلف أنواع الدعم المادي والمعنوي لها، والذي تمثل في قروض وتسهيلات وحقوق وامتيازات واحتكارات، والتي رغم قرابة نصف قرن على تأسيسها لا تزال تصر على تحقيق أكبر الخسائر في عالم الطيران في العالم أجمع (!!) مع إصرار آخر يتمثل في تقديم أسوأ خدمة جوية في عالم الطيران!!.
ان المقارنة مؤلمة، ولكنها تبين بشكل مؤسف ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية من سوء وتخلف واضحين في مختلف المجالاتِ فمتى ستتم خصخصة كل هذه المشاريع الخاسرة التي ينوء كاهل الحكومة بحملها؟ ومتى سيتم تحويل مسؤولية ادارة مثل هذه المشاريع الخاسرة للقطاع الخاص؟.
لست أدري.
أحمد الصراف