تقول الفلاسفة
كتب السيد عيسى ماجد الشاهين، امين عام حزب الحركة الدستورية، فرع حزب الاخوان المسلمين في الكويت، مقالا في القبس (20/11) هاجم فيه مناصري اعطاء المرأة حقوقها السياسية فوصفهم ب 'الماسونيين'! وقال ان لجوء بعضهم للدين واستعانتهم بالفتاوى الدينية من اجل تمرير مشاريعهم وتخريب المجتمع وقواعده يشبه ما قام به الزعيم التركي مصطفى كمالِ وقال في معرض هجومه على المدافعين عن قانون اعطاء المرأة الحق في الترشيح والانتخاب، ان هذه الامور تؤدي الى تشتيت واستئصال الصف الوطني المحافظ وهدم كافة اشكال المؤسسات المحافظة.
ويستطرد السيد الشاهين قائلا: ان من السهل استقراء مواقف العلمانيين من قضايا شرعية اساسية لا خلاف بين 'العلماء' عليها لكي يمكن التعرف على حقيقة هؤلاء العلمانيين من الدين وقضاياهِ وذكر من تلك المواقف ما ذكر من تصريحات وما كتب من مقالات تتعلق بالمساس بالمعتقدات الاسلامية، وموقف القوى الليبرالية من تطبيق الشريعة، ومن الاباحية والثقافة والادب، وموقفهم من التحركات الاخيرة لوزارة الداخلية الخاصة بمحاربة الدعارة والفساد!.
نود ان نعرف اولا من هم هؤلاء 'العلماء' الذين ذكر انهم اتفقوا على هذه المسائل؟ وكيف اصبحوا علماء وفي اي مجال؟ وما هي القضية الوحيدة في اي مجتمع مهما صغر حجمه والذي يمكن الادعاء باتفاق علمائه بشأنها؟ ومن الذي قام بعملية استفتاء هؤلاء 'العلماء' لمعرفة رأيهم؟ ومن الذي فوض السيد عيسى الشاهين التحدث باسمهم؟
ثانيا: يتبين للوهلة الاولى ومن الامثلة التي ذكرها السيد الشاهين ان كل من عارض تلك الامور ما هو الا 'علماني يهدف لتخريب المجتمع وهدم اسسه' وباستطراد سريع لمن كتب وانتقد الكثير من تصرفات رجال الدين والمنتمين للاحزاب الدينية وبعض تصرفات رجال الامن لا يجد بينهم من تنطبق عليه تلك الاوصاف السخيفة، ولا يجوز بالتالي تأثيمهم او توجيه مختلف الاتهامات الخطيرة لهم لمجرد ان نظرتهم للامور تختلف عن تلك التي لدى المنتمين للاحزاب الدينية.
فعمليات وزارة الداخلية للقضاء على الفساد مثلا لم يهاجمها احد بحد ذاتها بل تركز هجوم منتقديها على الطريقة التي اتبعتها قوى الامن في عملية البحث والتحري حيث افتقدت للجانب القانوني ولم تراع مبادئ حقوق الانسانِ وعليه يتبين ان الاجازة المطلقة في محاربة الفساد تؤدي الى فساد مطلق عند تطبيقهِ وتنبيه المجتمع لتجاوز رجال الامن لمهامهم وعدم تقيدهم بالاجراءات القانونية السليمة يعتبر بنظر الامين العام خروجا على الأمة وتشتيتا للقوى الوطنية المحافظة!.
كما يترجم السيد الامين موقف الكتاب والمفكرين من مسألة الحرية الفكرية واهمية دور الادب والثقافة في رفع مستوى التفكير لدى الشعوب والمجتمعات بأنه يؤدي الى الاباحية، ويعتقد بالتالي ان ما تقوم به 'الرقابة' من عمليات قص وقطع ومنع وتشويه لعيون الادب والثقافة والروائع المسرحية والغنائية التي لعبت اعظم الادوار في تهذيب الشعوب ورفع مستواها الثقافي والفكري نوعا من 'الاباحية' المطلوب محاربتها بكافة الوسائل.
اما مسألة تطبيق الشريعة وموقف الكتاب والمفكرين منها فمسألة خلافية منذ ان عرفت الاديان على هذا الكوكب، والموضوع قتل بحثا وشرحا وكتبت في تأييده ورفضه ومعارضته آلاف الكتب، كما سطرت عشرات آلاف المقالات والابحاث بشأنه منتقدة اياه احيانا ومؤيدة له بتحفظ احيانا اخرىِ ولم يسبق ان ذكر احد، غير السيد امين عام الحركة الدستورية، باتفاق 'العلماء' عليه! وعليه من عدم الانصاف اتهام من يطالب بالتأني في مسألة تطبيق الشريعة او ضرورة تعيين اللجان للنظر في امر تطبيقها او ترجيح جانب منها على جانب آخر بأنه يهدف الى هدم اسس المجتمع وتشتيت قواه المحافظة واستئصالها.
وعليه نرجو من السيد عيسى ماجد الشاهين وغيره من فلاسفة الاحزاب الدينية التوقف عن توزيع الاتهامات جزافا، ورمي الناس بما ليس فيهم والتقول عليهم وتحريف مقاصدهم من اجل تحقيق اهداف سياسية ضيقة على حساب وحدة المجتمع وتحابب افراده.
أحمد الصراف