جئتك يا مخطط لكي تعينني
لدينا وزارة للتخطيط، أسوة ببقية دول العالم، وبرئاسة وزير مقتدرِ ولدينا مجلس أعلى للتخطيط يضم الكثير من الكفاءات التي تفضل غالبيتها الاكتفاء بالصمت، لاسباب معروفة لهم قبل ان تكون معروفة للآخرينِ ولدينا في كل وزارة وادارة ودكان مسؤول بدرجة وكيل مساعد وبالنازل، مختص ومهتم بأمور التخطيط ومشتقاته من معلومات وبيانات وجداول ودراسات، ويتبع كل ذلك جيش من الموظفين منهم اصحاب كفاءات عالية وبينهم هنا وهناك مجموعة كبيرة من العاطلين عن العمل.
والغريب، ان يبدو الامر لأي مطلع أو زائر وكأن الدولة تهتم في حقيقة الامر بالتخطيطِ فظاهر الامور يدل على ان مسألة الاهتمام بالتخطيط 'ومشتقاته' امر يشغل حيزا كبيرا من اهتمام سياسيي الدولة، ولكن حقيقة الامر وباطن الامور يقولان شيئا مختلفاِ فعلى الرغم من كل تلك المؤسسات والوظائف عظيمة الاهمية، الا اننا في حقيقة الامر ابعد ما نكون عن التخطيط الحقيقي.
وكمثال على ذلك، وبعد بلايين الدولارات التي صرفت على التربية والتعليم 'ضرب' السيد حمود السعدون، وكيل وزارة التربية المساعد 'للتخطيط' والمعلومات، الصحافة بتصريح ذكر فيه ان وزارة التربية تحتاج لبناء اكثر من 389 فصلا مصنوعة من الواح 'الكيربي' الحديدية لاستيعاب الاعداد المتزايدة من الطلبة (!!!).
كان من الممكن ان نتقبل هذا التصريح من اي من وكلاء التربية الآخرين، ولكن ان يصرح به ويصدر من المسؤول الاول عن التخطيط والمعلومات في واحدة من اكثر الوزارات ارتباطا بالتخطيط و'مشتقاته'، فهذا مصدر الاستنكار والغرابة.
فأين كانت معلومات وخطط الوزارة ووكيلها السعيد او المساعد، الذي كان مرشحا لان يصبح وكيلا اصيلا لها، عندما قامت وزارته بتأجير عشرات المدارس للغير لاستعمالها كمخازن حبوب للجمعيات التعاونية ومدارس خاصة ومستودعات مواد خردة ودوائر ووزارات حكومية؟؟ فإذا كنا نفشل في التخطيط لمثل هذه الامور ولا نملك المعلومات الصحيحة عنها وعن حاجة الوزارة للسنوات الثلاث المقبلة، فماذا بقي لنا لكي نخطط له ونجمع له المعلومات؟ صدق من قال اننا لم نر من التخطيط في هذا البلد اي شيء!
أحمد الصراف