الهيئة الذهبية
يقول شارلز دارون إن الأنواع، أو الكائنات الحية، التي بقيت دون أن تنقرض ليست تلك الأقوى، ولا التي تمتعت بأعلى درجات الذكاء، بل تلك التي كان لديها استعداد أكبر من غيرها على التغير والتبدل!
ورد في صحف الثلاثاء أن النائب نواف الفزيع سحب طلب تشكيل لجنة لزيارة هيئة استكمال أحكام الشريعة! ولا أعرف السبب وراء سحب الطلب أو أساس تقديمه، ونتمنى تعلقه بما تتكلفه الدولة، منذ ما يقارب 20 عاما، من أموال طائلة على هيئة هلامية الهدف! أو ربما لأن السيد النائب لقي صداً من داخلها! ولنحسن الظن أكثر سنفترض أن الكيل فاض به، وأراد معرفة ما يدور في هيئة تبيض ذهبا لمن يديرها وتبيض حجرا لمن يصرف عليها! علما بأن الهيئة تأسست بهدف سحب البساط من تحت أقدام بعض نواب مجلس ما بعد التحرير، الذين طالبوا السلطة بتعديل المادة الثانية من الدستور، وبالتالي كان لابد من المزايدة عليهم، وتشكيل جهة لدراسة الأمر والبحث والتداول فيه، والتوصية به، لكي يمر الوقت وتنسى الجماعة الأمر أو تتغير الظروف، دون نتيجة، فقد عانت الهيئة منذ اليوم الأول لتأسيسها من فراغ الهدف والضياع، فعالم اليوم المتغير غير عالمهم، وعالم ما ينادون به. وأقول صادقا إنه لا أحد استفاد من عملها غير العاملين بها، الذين ارتضوا لأنفسهم رواتب وبدلات ومكافآت سخية ربما من دون أداء عمل حقيقي. وبالرغم من كل سابق كتاباتي عن مثالب الهيئة وسقطاتها، فإنني حقيقة لا ألوم كثيرا القائمين عليها لسكوتهم عن سكوت الحكومة عنهم، بل عن مدى مشروعية وجودها، فلا قطع هؤلاء الحق من أنفسهم واستقالوا، ولا طلبت الحكومة منهم الاستقالة لانتفاء الغرض «السياسي» من وجودهم! كما أن «فركشة» أو حل هذه الهيئة سيمهّد السبيل لحل الكثير من اللجان والهيئات الأخرى العديمة الفائدة مثلها! وفي هذا السياق، وربما لقطع الطريق على الطرق السابقة للنائب الفزيع، قام وزير الإعلام بتذكر وجود هيئة تطبيق الشريعة، فقام بزيارة مقرها، وأكد هناك «حرص» الوزارة على الاستفادة من خبراتها في تدعيم خطط وبرامج وزارتي الإعلام والشباب! وهنا نكون شاكرين للوزير تزويدنا بهذه الخطط والبرامج، وكيف يمكن أن يستفيد من أعمال الهيئة؟ كما شدد الوزير الشيخ سلمان، خلال زيارته، على أهمية تبادل الخبرات والتنسيق بين «وزارته» والهيئة، بما يصبّ في خدمة المجتمع الكويتي المحافظ بطبيعته (هكذا!). وأن تبادل الخبرات والتجارب معها من شأنه دعم مسيرة الوزارة الإعلامية، بهدف إيصال رسالتها الهادفة من خلال تسليط الضوء على الإيجابيات والسلبيات في المجتمع، لدعمها ومعالجة بواطن الخلل والقصور في مواقع أخرى! (هل فهمتم شيئا من هذا الكلام الإنشائي؟ وإن فهمتم هل من الممكن تطبيق %1 منه؟)، كما أشاد الوزير بدور اللجنة في دعم انسجام وترابط وتكافل المجتمع الكويتي في جميع مكوناته (وهنا أيضا أتمنى على الوزير أن يدلّني، أنا المواطن البسيط، على ما قامت به الهيئة في دعم وانسجام وترابط مجتمعي! كما نوه الوزير في الوقت ذاته بشمولية عمل اللجنة، التي تقع على عاتقها مسؤولية التخطيط لتطبيق أحكام الشريعة). وبدوره قال رئيس الهيئة إنه يشدد على أهمية وضع معايير أخلاقية ومجتمعية وبرامج اجتماعية تسهم في تحفيز روح الوطنية والمواطنة المنبثقة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، ومن عادات وتقاليد المجتمع الكويتي المحافظ والمتماسك (هكذا)، كما دعا إلى تبني العديد من المشاريع والبرامج المشتركة بين اللجنة ووزارتي الإعلام والشباب الهادفة لخدمة جميع شرائح المجتمع الكويتي، واضعا خبرات وبحوث ودراسات اللجنة في خدمة مؤسسات الدولة لتحقيق الهدف المنشود. انتهى! والسؤال هنا: هل يعني هؤلاء ما يقولونه؟