إسماعيل وإسحاق
ولِد الكاتب الأيرلندي جورج برناردشو توأماً. وقامت أمهما يوماً، وهما رضيعان، بتركهما في إناء كبير للعب فيه، فمات أحدهما غرقاً، ولم تستطع الأم تحديد من بقي، فقررت أنه «جورج»! ويقول برناردشو إنه عاش حياته وهو يتساءل دائماً: هل أنا جورج أم أنا أخي؟
* * *
سيحل علينا عيد الفطر قريباً، وسيتبعه بعد 40 يوماً تقريباً عيد الأضحى، وفي نهايته سيتم «التضحية» بملايين الخراف، أغلب لحومها سيضيع تحت التراب، ويذهب ثمنها سدى! ولا أدري كيف لا تستطيع أمة كان فيها عمر بن الخطاب، الذي نجح قبل 14 قرناً وقف العمل بنصوص دينية، من وقف دفع «الخمس» لفئة المؤلفة قلوبهم، إلى معارضة قطع يد السارق في عام الرمادة، وغيرها، كيف لا تستطيع هذه الأمة أن تتفق على قيام «أمير حج» أي عام بذبح «كبش» واحد فقط نيابة عن كل حجاج البيت وأهاليهم، والمسلمين أجمع، بدل نحر كل هذه الثروة الحيوانية كل عام، وصرف ما كان سيدفع فيها على تنمية مدن وشعوب بحاجة إلى كل شيء، من طعام مستمر وماء متدفق ودواء متوافر، هذا غير المساكن والمدارس والمستشفيات، ولن نقول المسارح والحدائق والشوارع، ولا حتى المجاري! ألا يبدو عجزنا عن القيام بذلك مثيراً للشفقة، أو ربما للغثيان؟ إن وضع العالم الإسلامي اليوم ليس كوضعه قبل ألف عام، فقد تضاعف الناس فيه آلاف المرات، وأصبحت احتياجاتهم أكثر تعقيداً، وأصبح هناك عجز رهيب في الغذاء، والمجاعة تضرب سنوياً دولاً عدة، وستضطر الدول الإسلامية، أو تجبر إنسانياً، على وقف عمليات النحر الجماعية، فلمَ ننتظر ذلك اليوم ولا نبادر به من الآن؟
يقول الكاتب المصري حسين أمين إن أغلبية أعياد العالم ترمز إلى السلام والمحبة، وشكر الرب على عطاياه، وطلب المغفرة، والعناية بالآخر المحتاج، أياً كان! ولو تمعنا في هذا القول، لوجدنا أننا نفتقد شيئا من هذا القبيل، فأعيادنا في غالبها صارمة ومتشددة في وقارها، ولا تتضمن فرحاً وضحكاً، ومقتصرة علينا فقط! ومنذ 14 قرناً والمسلمون يؤمنون بأن المقصود بابن النبي إبراهيم هو إسماعيل، بينما يؤمن النصف الآخر من أصحاب الكتب السماوية، من يهود ومسيحيين، بأن الابن المقصود، كما ورد في نصوصهم، هو إسحاق! فكيف يمكن تسوية هذا الاختلاف؟ وهل يعقل أن المسلمين يحتفلون بالتضحية من أجل ابن، يعتقد الجانب الآخر بأنه أخ له وليس هو؟ وليس سهلاً طبعاً الوصول إلى حل هنا، لأن كل طرف يرى أن ما ورد في كتبه أكثر دقة، وبالتالي سيستمر الصراع بين الجميع، ونتقاتل ونكفّر ونحرق ونشتت ونرمّل، وابتسامة «الموناليزا» ترتسم على وجه بقية العالم وهو ينظر إلينا باستغراب، ثم يمضي في طريقه، غير مكترث بما نوقعه ببعضنا من دمار!
ملاحظة: صرّح «بطل» بأنه تم البدء في تجهيز 12 ألف مجاهد من جزيرة العرب بالسلاح لمحاربة «حزب الله»! وهذا طبعاً كلام فارغ تماماً! كما طالب بأن يقبضوا على 10 من أفراده، ليتمتع بنحرهم!
نشر هذا الهذيان والسكوت عنه يعنيان أنه لا علاج لوضعنا، والنهاية قريبة!