التاكسي والمجمع
تنفرد الكويت عن بقية دول العالم بوجود نوعين من سيارات التاكسي فيها، تاكسي جوال، كغيرها من دول العالم، وآخر ثابت لا يحرك، وهذا جار اختراعه! ومع التحول السريع في العولمة، واقتراب العالم لأن يصبح قرية صغيرة، بصبغة وثقافة أنجلوسكسونية، نتيجة ريادة دولها في ميادين العلوم والاختراعات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت شعوب العالم بغالبيتها، نتيجة لذلك، تستخدم كلمات متشابهة في محادثاتها، وحتى في كتاباتها، مثل «واتس أب»، موبايل، سوفت وير، و«باس ويرد» ومايك، وقبلها كاميرا وفيلم ولابتوب وكمبيوتر وتلفون وسينما وباكيت وكرتون وتيب، ومئات غيرها مثل بقشيش وأرجيلة وأوكي ok وتاكسي! والكلمة الأخيرة هذه «منع» مرور الكويت كتابتها على سيارات الأجرة، والسبب لا علاقة له بأصل الكلمة الاجنبي، بل لأن صاحب عقل «خاص» اكتشف أن عاملا جويا، كالهواء والمطر، قد يؤثر في الاحرف ويخرجها من معناها، وبالتالي صدر الأمر باستبدال تاكسي بـ«أجرة جوالة»! ولا بأس طبعا في ذلك، ولكن لماذا أجرة جوالة؟ فهل هناك سيارة أجرة ثابتة مثلا؟ وطالما استطاع عبقري المرور منع استخدام كلمة تاكسي، فهل بامكانه تكملة «معروفه» وتعريب بقية الكلمات التي فشل مجمع اللغة في القاهرة في الاقتراب منها، بعد ان توقفت اجتماعاته مع توقف انفاس الثقافة في مصر! وبمناسبة الحديث عن هذا المجمع الذي ربما كان المفكر طه حسين وراء فكرته، نتيجة تأثره بالأكاديمية الفرنسية، التي تأسست قبلها بـ 300 عام تقريبا، والتي طالما اعطت الفرنسية طعمها الفريد، فقد تأسس المجمع العربي عام 1932، ونص مرسوم انشائه «الملكي» على أن يكون نصف أعضائه مصريين، ونصفهم عرباً ومستشرقين، الا أنني أشك في أن هذا القرار أو الرأي كان محل ترحيب، ولا أعتقد أنه طبق كاملا. كما أن الخلافات التي لم تتوقف يوما بين الدول العربية، دفعت الكثير منها، «جكارة، وعنادا»، وليس حبا في اللغة، لانشاء «مجمعها» الخاص بها، كما فعلت تونس والجزائر والعراق ولبنان والأردن والسودان، اضافة لمكتب تنسيق التعريب في المغرب، ومعهد اللغة العربية في اليمن، وحتى ماليزيا دخلت على الخط وأنشأت أكاديمية للغة العربية!
وعليك تخيل، ليس فقط حال ووضع الترجمة والتعريب في البلاد العربية، في ظل كل هذا التضاد والتناحر والاختلاف، بل وحال اللغة نفسها!