لا تمرِّروا المر!
عندما نريد أن نقارن بين شيئين أو كتلتين، بطريقة صحيحة، فيجب أن يتساوى كثير من العوامل بين طرفي المقارنة، فالتفاحة الحمراء تقارن عادة، من ناحية الطعم أو الفائدة الغذائية، بالتفاحة الصفراء مثلاً! ولو قارنا مواقف الدول الخليجية ومصالح كل منها وسياساتها الخارجية وما تواجهه من أخطار داخلية وما تعتمد عليه في مواردها، ومكونات شعوبها، وممارساتها السياسية وخبراتها في التعامل مع المنظمات غير الحكومية وأنشطة شعوبها السياسية، لوجدنا اختلافا شديدا بينها، يقارب النفور أحيانا، واختلافها جميعها والكويت، نقول ذلك على الرغم من ان ما تقوله الوجوه وتبرزه الابتسامات، من ود ومحبة، في الحفلات والمناسبات، من أننا شعوب واحدة متحدة، فنحن حقيقة مختلفون حتى في أزيائنا الوطنية، على الرغم من شديد بساطتها.
وبالتالي، فإن الاتفاقية الأمنية المقترحة، التي تنتظر بعض دول الخليج رفض الكويت لها لترفضها بدورها، والتي تدفع بعض الأطراف الى إقرارها فورا، لا يمكن أن تمر ويُوافق عليها إن لم تكن في جانب أو آخر منها في مصلحة من وافق عليها! وبالتالي فإن مصالح الموقعين عليها، وأهواء الذين سيمررونها، هي التي ستملي عليهم القرار النهائي، وليس مصلحة الوطن. وبما أن مصالح أغلب من يديرون هذه الدول ليس بالضرورة متطابقة على الدوام، والأوضاع فيها غير متقاربة، ولكل دولة خليجية برامجها وتخوفاتها وطموحاتها، فإن الاتفاقية لن يكتب لها النجاح يوماً، لو ووفق عليها، بل ستظل حبرا على ورق، والجانب الوحيد الذي ربما سيرى تطبيقا جزئيا هو ذلك المتعلق بأمن بعض الأنظمة، وليس بأمن شعوب أو «رعايا» تلك الأنظمة. علما بأن حفظ الأنظمة، وسلامتها وديمومتها، كما علمنا التاريخ، لا يمكن أن يتحقق من خلال اتفاقيات أمنية غير واضحة، أو تحتمل أكثر من تفسير، بل بدرجة ما تتمتع به شعوب هذه الدول من حرية واحترام، ومن دور حيوي في إدارة شؤونها!
وعليه، أسجّل تحفظي الشخصي، مع قلة أهمية هذا التحفّظ، على هذه الاتفاقية الأمنية. فنحن لدينا دستور واضح ولم تمر فترة طويلة نسبيا على إقراره، ويمكن الاحتماء به من أي أخطار قد تحيق بنا، ولم تتعرض الكويت، ولا مصالح شعبها، طوال الأعوام الستين الأخيرة للضرر والاستباحة، إلا في الفترات التي وضعنا فيها الدستور جانباً، بطريقة مباشرة او غير مباشرة!
• ملاحظة: أدانته محاكم بلاده لسرقته محتويات كتاب من مؤلفته، وسيُدان لسرقة أدبية أخرى. كما اتهم بإرسال ابناء الغير للجهاد، وليلقوا حتفهم، وكافأه وزير الإعلام بدعوته لإلقاء محاضرات، وإعلام المواطنين بمتابعة أمسياته من خلال تلفزيون الدولة الرسمي، فيا لها من سخرية!