الاختلاس والجمعيات الدينية
أصدرت وزيرة الشؤون هند الصبيح قراراً قبل أيام، حلت فيه مجلس إدارة جمعية العمرية والرابية، وفصلتهما عن بعض، وعينت مجلس إدارة جديدا للثانية. وجاء القرار على خلفية تقدم ممثلي مساهمي جمعية العمرية التعاونية بمذكرة في هذا الشأن الى الوزيرة. ومنذ خمسين عاماً تقريباً لم يخل عهد وزير أو وزيرة للشؤون من قرار أو أكثر بحل مجلس إدارة جمعية تعاونية، وغالبا لأسباب تتعلق بسوء الإدارة، أو سوء الأمانة، والإثراء غير المشروع من قبل بعض أعضاء مجلس الإدارة. وبالرغم من كبر عدد الجمعيات التي تلاعب فيها أعضاء مجالس إداراتها، وسرقوا أموالها، والتي تدار في غالبيتها، منذ ثلاثين عاما تقريباً، من مجالس إدارة محسوبة على جمعية الإصلاح، الفرع المحلي لحزب الإخوان المسلمين، التابع للتنظيم الدولي، فإنه لا أحد تقريباً، من مئات الأعضاء المقالين، أحيل يوماً الى النيابة. والغريب أن يتكرر تدخل الوزارة سنة بعد أخرى، وتعيين مجالس إدارة مؤقتة، يختار وزير الشؤون أفرادها، ليعود وضع السرقات من البعض الى سابق عهده، ولتتكرر الإقالة والتعيين، ويتكرر الفساد من دون ان يسأل أحد من هؤلاء الوزراء نفسه عن سبب استمرار هذه الحلقة الجهنمية، وكيف يمكن وضع حد لهذا الوضع المزري، أو على الأقل التقليل منه، ومن كم مخالفات الجمعيات؟
إن فكرة الجمعية التعاونية تجاوزها الزمن، وأصبحت مجالس إداراتها في اغلبيتها وسيلة للوصول الى كرسي مجلس الأمة. كما أن اغلبيتها الساحقة تدار بشكل طائفي وقبلي نتن وبغيض، وقد حاد الكثير منها عن اهدافها النبيلة وأصبحت عامل تفريق وتقطيع في مفاصل المجتمع بدلا من تعاونه، وبالتالي على وزيرة الشؤون، الجديدة والصلبة، وضع قطار التغيير على السكة، ومحاولة تجديد فكرة الجمعيات التعاونية لتصبح اكثر استقامة وقدرة على العمل الاجتماعي الحقيقي.
وبهذه المناسبة نعيد التذكير بقضية «جمعية صندوق إعانة المرضى»، المحسوبة على حزب ديني، والتي قام محاسبها المصري، وعلى مدى أربع سنوات، باختلاس ما يقارب 4 ملايين دينار منها، من دون ان «ينتبه لسرقاته أي من أعضاء مجلس إدارة الجمعية»! وما ان انكشفت الفضيحة حتى «هُرِّب» الرجل الى الخارج، وصدر حكم بسجنه واسترداد أموال الجمعية منه. وما ان زار قطر حتى ألقت السلطات فيها القبض عليه! وقد كتبنا في حينه أن «أعضاء» لهم مصلحة في بقاء الرجل في الخارج، سيبذلون قصارى جهدهم لكي لا يجلب الى الكويت، وها قد مرت ثمانية اشهر على وجوده في قطر، ولا خبر عنه، فهل هناك ما هو أوضح من ذلك على وجود شبهة تواطؤ من البعض داخل الجمعية مع ذلك المختلس؟