جامعات وشهادات
أجرى تلفزيون الوطن قبل فترة مقابلة مع النائب عبدالحميد دشتي ونائب مبطل العضوية، وتبين أثناء النقاش أن النائب دشتي يحمل شهادة دكتوراه، وهنا سأله النائب المبطل عن مصدر شهادته، فرد بأنه حصل عليها من جامعة فرنسية، وبعد إصرار السائل على معرفة اسم الجامعة قال دشتي، بتردد واضح، إنها من جامعة «الإبداع»! وبالرغم من حرص وإصرار مقدم البرنامج والنائب المبطل على معرفة اسم الجامعة باللغة الفرنسية، أو حتى بالإنكليزية، فإن دشتي رفض البوح بالسر، أو الاستطراد أكثر في الموضوع! ونحن لا نود التشكيك في مقدرة النائب على فهم الإنكليزية، ولكن شكوكنا ربما تتعلّق بلغته الفرنسية، دع عنك حصوله على شهادة دكتوراه فيها، ولكن هذا أمر نتركه للتاريخ، وليس موضوعنا هنا، علماً بأنني سبق أن قضيت، وأنا طالب، 3 سنوات في دراسة اللغة الفرنسية، واليوم لم يتبق لدي من مفرداتها غير 50 كلمة، بالكثير.
موضوع مقالنا يتعلّق بكل هذا العدد الغريب والمزعج من حملة شهادات الدكتوراه لدينا، بحيث أصبح ظاهرة فريدة، وهذا ربما يكون نتاج تخلف أغلب مكونات الدولة، وتدني ثقافة أغلبية أفراد المجتمع، والسكوت عن الخطأ. فعندما «تخرّج» أول من يحمل شهادة دكتوراه «مضروبة»، وكانت في التدليك، لم يكلف أحد بسؤاله عن صحتها، وتم توظيفه على أساسها. هذا السكوت شجّع غيره، وهكذا أصبح لدينا حالياً خلال فترة قصيرة جيش من حملة شهادات جامعية وشهادات دكتوراه «غير المعترف بها». وبطالتهم دفعتهم إلى تكوين اتحاد أو رابطة تجمعهم للضغط على الجهات الحكومية لتشغيلهم، بعد الاعتراف بشهاداتهم التي لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، ولا كلفة حبر أختامها! والغريب أنها بعد أن كانت هدف ضعيفي الحال والقدرة، أصبح الآن حتى «المشاهير»، من سياسيين وغيرهم، يسعون لشرائها، ومن بعدها بذل الجهد لمقابلة كبار المسؤولين بمناسبة حصولهم عليها، أو بالأحرى الانتهاء من شرائهم لها، وأخذ الصور التذكارية معهم، وهم يحملون شهاداتهم.. المضروبة في الغالب!
وحيث إن عدد حملة شهادات الدكتوراه أصبح على «قفا أو ظهر من يشيل»، فقد دفع ذلك بعض «الدكاترة» للنأي بأنفسهم عن حملتها، وذلك عن طريق إضافة حرف «أ» لحرف الـ«د» الذي يسبق أسماءهم، وليصبحوا بالتالي «الأستاذ الدكتور»، أو الدكتورة، هكذا دون أي مسوغ أكاديمي. وأعداد هؤلاء في تزايد مطرد، وتجد ألقابهم، غير الصحيحة غالباً، تسبق أسماءهم في الصحف والمجلات والمقابلات وبطاقات الزيارة، ولا أعتقد بأن بالإمكان التقليل من هذه الظاهرة بغير تسليط الضوء عليها، فربما يشعر هؤلاء بالحرج، وقد يدفع هذا بعضهم إلى التوقف عن انتحال ألقاب أكاديمية من دون وجه حق!