رويتر والكويت
أسس البريطاني "بول رويتر" وكالة الأنباء التي تحمل اسمه عام 1851، واصبحت مصدرا إخباريا لعدة صحف إنجليزية، وذات سمعة طيبة، وبقيت لسنوات المصدر الوحيد للأخبار في العالم، وكانت أول من نقل خبر اغتيال "إبراهام لنكولن". واليوم يتواجد عدة آلاف من مراسلي الوكالة في كل بقعة في العالم تقريبا، وفقدت الكثيرين منهم في ساحات المعارك. وقد قامت هذه الوكالة العريقة مؤخرا بنشر تقرير عن الكويت ذكرت فيه أن الكويت تتمتع بقوة شبابية عالية التعليم (!) وتتمتع بعلاقات قوية بجيرانها وموقع استراتيجي مميز. وتساءلت الوكالة عن سبب عدم تحلي الكويت بديناميكية خلاقة، كدبي، أو حتى الدوحة، ولديها كل هذه المميزات المادية والبشرية والجغرافية والعلاقات الدولية، ولماذا هي ضعيفة في جذب الاستثمارات الأجنبية التي يمكن أن تكون عونها في حفظ استقلالها وتطوير بنيتها التحتية المتآهلة، والتغلب على جمود الأوضاع في بلد كان يوما مثالا يحتذى لبقية المنطقة. وقالت الوكالة أن هذا الرفض للأوضاع الحالية نجده بقوة بين الفئات الأكثر تعليما، وبالذات ممن تلقوا تعليمهم في الخارج، والذين يزداد تذمرهم من البيروقراطية والخطوط الحمراء. وتذكر رويترز أن آلاف المواطنين شاركوا في تظاهرات في عامي 2011 و2012، مطالبين بإصلاحات سياسية وهيكلية، إلا أن تلك المطالبات سرعات ما تبخرت، أو فقدت زخمها مع ظهور النتائج السلبية لها، واستيلاء القوى الدينية على الحكم فيها، وهذا اثار مخاوف الكثيرين من تبعات أي تغيير في الكويت. وساعدت زيادات الرواتب الهائلة وتوفر الوظائف في تقليل التذمر من الأوضاع. وقالت مواطنة كويتية أن الكويت كانت خلال أحداث الربيع العربي محظوظة بما لديها من وفرة مالية، فهذا وفر للحكومة مخرجا من الوضع، وأن الكويت تقع بين السعودية والعراق، وأكثر من نصف مواطنيها البالغ عددهم مليون و200 ألف هم دون سن ال25، ولكن السلطة تتحجج بقيود البرلمان على قدراتها، وأنها لا تستطيع انجاز الكثير بسبب ذلك. كما ذكر أحد المراقبين أن من مشاكل الكويت عدم جدية الحكومة فهي تصرح ولكن غالبا لا تلتزم. كما أن صدمة غزو صدام (الحقير) جعلت الحذر في التحرك سمة شبه سائدة لدى القيادات العليا. وذكرت الوكالة أن برلمان الكويت هو الأقدم في المنطقة والأكثر قوة وتأثيرا، مقارنة ببرلمانات الدول الخمس الأخرى في مجلس التعاون (أي برلمانات؟). ويحق لأعضاءه مساءلة الوزراء واستجوابهم، ولكن مع تعدد المجالس البرلمانية وتبدل الحكومات، خلال السنوات العشر الماضية، فإن هذا حول الوضع العام للجمود. كما أن استفراد أفراد الأسرة الحاكمة بأهم المناصب الحكومية كان له تأثيره غير الإيجابي، والصراع الخفي بينهم تسبب في انحدار الوضع أكثر. وقالت الوكالة على لسان أحد الأكاديميين بأن هناك شعور بأن النظام السياسي الحالي غير قابل لأن يكون منتجا وفعالا، وأن الأمر يتطلب وجود نظام أكثر تمثيلا لفئات الشعب، وأكثر مساواة، مع ضرورة ضخ دماء جديدة في المستويات العليا، والتي بإمكانها التعامل مع مختلف القضايا بطريقة فعالة، وهذا ما يتطلبه كم المشاكل التي تراكمت، بدون حل، على مدى العقدين الماضيين. وأن غياب الرؤية لدي الدولة، بخلاف دبي، هو من اكثر المعوقات، فلا أحد يعرف على وجه التحديد ما المطلوب عمله، وإلى أين الكويت يجب أن تتجه.