سلطة الخلافة المطلقة
يقول الزميل السعودي أحمد عدنان: «..كلما أراد مستبد تشريع استبداده، أو أراد مجرم تبييض صحيفته، أو رغب مختل في فرض جنونه، نادى لنفسه بالخلافة، أو أعلن تطبيق الشريعة، وآخر هؤلاء أبو بكر البغدادي»!
كلام الزميل صحيح، والسبب يعود إلى قلة القيود، أو انعدامها، في طريقة الحكم بموجب نظام الخلافة، فالسلطة مطلقة ولا تحدها حدود، وهذا ما رأيناه في نظام حكم المرشد في إيران، وما رغب الإخوان المسلمون، المغرمون بتطبيق نظام الخلافة، في رؤيته، وهم على رأس السلطة. ولكن الداعين لعودة نظام الخلافة يتناسون عمدا ان ما كان يصلح لما قبل ألف أو الفي عام لا يصلح بتاتا لعصرنا هذا، بكل ما فيه من تعقيدات والتزامات دولية وارتباطات اقليمية، لا يمكن القفز عليها من دون الدخول في حروب وصراعات دامية وخسائر ستنتهي بفناء الطرف الأضعف.
يعود الزميل ليقول «إن حكم الخلفاء الراشدين لم يصمد لأكثر من ثلاثين سنة، رغم انهم كانوا أفضل العرب والمسلمين صلاحا وخلقا، ومع ذلك اغتيل ثلاثة خلفاء من أصل أربعة»! (انتهى الاقتباس والتعليق).
ولو حدث واغتالت جهة ما الخليفة العراقي المزعوم، فمن الذي سيحل محله؟ ألن يكون اقوى أعوانه بأسا وقدرة على سفك دماء رفاقه وإخوته في الحركة والحكم؟ وهل هذا هو النظام الذي يطالب الإخوان المسلمون، منذ أكثر من ثمانين عاما، بتطبيقه؟ ألم تخرج حركات داعش والنصرة والقاعدة وكتائب الزفت والقطران والبؤس والخراب من تحت عباءة الإخوان؟
لقد بذلت شعوب كثيرة أرواح الملايين للتخلص من حكم الفرد، ونأتي اليوم لنطالب بعودة الدكتاتورية، وفي أكثر تطبيقاتها ظلامية وظلما، فالحاكم الجديد هو لا يأتي ليحكم بموجب منافيست شيوعي أو فاشي، ولا على أساس مبادئ اشتراكية، بل سيأتي ليحكم باسم الله باعتقاده، وحسب تفسيره، فمن الذي سيجرؤ حينها على أن يقول له انه على خطأ؟
إن المشكلة لا تكمن في إيجاد الحاكم، ولو كان مستبدا وعادلا، فهناك الكثير من أمثال هؤلاء، ولكن الاستبداد العادل لا يكفي أحيانا كثيرة لإدارة شركة تجارية، أو مدرسة، فما بالك بحكم دولة معقدة، وأين النص الديني الذي ينادي بفصل السلطات، أو إجراءات محاكمة الرئيس، أو الخليفة إن أخطأ او خان وطنه، او ما يجب اتباعه في حال اصابته بالخرف أو العجز التام؟