سلطة الخلافة وتاريخ المنطقة
حكم الإنكليز والفرنسيون منطقتنا، بعد انهيار العثمانيين، وحتى ما قبل سنوات قليلة. وقسمت المنطقة طبقا لاتفاقية «سايكس بيكو». ثم نالت كل دولة استقلالها، ولكنها بقيت على حالها من التشرذم والتخلف، من دون استثناءات. وسبق حكم الإنكليز والفرنسيين للمنطقة حكم العثمانيين لها، الذي استمر من بداية القرن الرابع عشر وحتى بداية القرن العشرين، وقبل هاتين الفترتين كانت هناك فترة فوضى عارمة تبعت انهيار الدولة العباسية عام 1258، وذلك عندما اقدم هولاكو على نهب وحرق بغداد وقتل الكثير من سكانها، بمن فيهم الخليفة العباسي وأبناؤه، لينتقل من بقي منهم إلى القاهرة، حيث أقيمت الخلافة مجدداً عام 1261، وبحلول هذا الوقت كان الخليفة قد أصبح مجرد رمز ديني، أما في الواقع فإن سلاطين المماليك المصريين كانوا هم الحكّام الفعليين للدولة. واستمرت الدولة العباسية قائمة حتى 1519، عندما اجتاحت الجيوش العثمانية بلاد الشام ومصر وفتحت مدنها، فتنازل آخر الخلفاء عن لقبه لسلطان آل عثمان، سليم الأول، وأصبح هؤلاء خلفاء المسلمين. وقبل الدولة العباسية كانت الدولة الأموية، التي بدأت عام 662 وانتهت في 750. وسبقتها طبعا دول، او دولة الخلافة الراشدة، التي كان نفوذها مقتصرا على بقعة جغرافية محدودة. ومنذ انهيار آخر خلافة، وإلى ما بعد مرحلة الاستعمار الحديث، وحتى هذه اللحظة، وأحلام تسنم سدة الخلافة راودت الكثيرين، ومنهم القاضي تقي الدين النبهاني، مؤسس حزب التحرير الفلسطيني، والملك فاروق، وحسن البنا، مؤسس حركة الإخوان الإرهابية، وربما المهدي في السودان، لتنتهي الحال بنا لنسمع بأبوبكر البغدادي، خليفة القرن الحادي والعشرين.
والسبب في طموح كل هؤلاء للوصول للخلافة هو هلامية هيكلها، الذي يختزل كل السلطات في يد الخليفة، كما هو حاصل الآن في إيران الخمينية. وبالتالي فإن كل ما يدعونه عن عدالة دولتهم لا معنى له على أرض الواقع، فما نقاسيه الآن يعود في جزء كبير منه لما لحق بنا من تخلف، وبالتالي فإن ما ينادي به أنصار الشريعة في ليبيا وتونس وسوريا ومصر، وتنظيم «داعش» بالعراق والشام، ومنظمة أبو سياف بالفلبين، والشباب الإسلامي بالصومال، والجماعة المقاتلة في ليبيا، وحركة الجهاديين الباكستانية ومثيلتها عسكر طيبة، وتنظيم القاعدة في المغرب العربي والجزائر واليمن، وعُصبة الأنصار في كردستان، وبوكو حرام بالنيجر ونيجيريا، والجماعة الإسلامية المسلحة، وحركة الجهاد الإسلامي في بنغلادش، وأوزبكستان، وتنظيم الإخوان المسلمين بكل أجنحته، والجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر، وحزب الله وعصائب أهل الحق وحماس، وفيلق بدر، وعصابات الشباب في الصومال، لا تعدو أن تكون لغوا، ولن ينتج عنها في نهاية الأمر غير الخراب.
ولن ينتج عنه في نهاية الأمر شيء.