طائفية في طائفية
لا أزال على رأيي السابق نفسه بأن النائب صالح عاشور قد لا يكون صالحا لطرح أنواع محددة من الأسئلة، ومنها سؤاله عن جدوى كلية الشريعة، ومطالبته بإغلاقها.
لقد سبق لنا أن كتبنا الكثير عن عدم جدوى وجود مثل هذه الكلية، كتبنا قبل ان يصبح عاشور نائبا، وبعد ان اصبح نائبا، ولم يلتفت لما كتبنا لا قبلها ولا بعدها، فما الذي تغير اليوم؟ منطلقاتي انحصرت في عدم حاجة كل من أنهى دراسته في مدارس الكويت، على مدى 12 عاما، للمزيد من الجرعة الدينية. كما أن مبادئ الدين وقواعده معروفة، فكيف يحصل بعض طلاب هذه الكلية على شهادات دكتوراه في الدين؟ والتي تعني أن من حصل عليها اكتشف أو استنبط أمرا دينيا جديدا لم يكن معروفا، وهذا يتعارض مع كمال الدين، وصلاحيته لكل زمان ومكان! وإن كانت هناك حاجة لدى البعض للاستزادة من العلوم الدينية، أو هناك حاجة لخريجي الشريعة، فمن الأولى أن يعمل هؤلاء في الوظائف والمهام التي رغبوا في التخصص بها، ولكن الواقع عكس ذلك تماما، فغالبية من التحق بالشريعة منذ افتتاحها فعل ذلك لسهولة الدراسة فيها، واستغل تاليا شهادته ليتسرب، بعون نائب ومباركة حكومية، لوظائف في المحاماة والتحقيقات والفتوى والتشريع، وغيرها هو غير مؤهل لها، فجميع هذه التخصصات تتطلب من شاغليها إجازة حقوق وليس شريعة، خاصة أن النقص في الوظائف التي تتطلب خريجي شريعة كبير ويتم سده بجلب خريجي شريعة من دول أخرى!
إن سوق العمل متخم بالعاطلين، ومن خريجي جامعات معتبرة، ولا توجد وظائف كافية للجميع، وبالتالي يجب أن تذهب الوظائف لحملة أفضل الشهادات، وليس لأفضل «الواسطات»، وواضح أن سوق العمل ليس بحاجة الى خريجي كلية الشريعة، التي لم يعمل إلا القلة ممن تخرجوا منها في مجال عملهم!
ويبدو ان الحل في وضع كلية الشريعة لا يكمن في إلغائها بل في دمجها بكلية الحقوق، وعدم فتح المجال لمن ينهي دراسته فيها لغير العمل في الوظائف المتعلقة بالشريعة وليس الوظائف القانونية، وإن طبق ذلك فإنه كفيل بوقف التحاق الكثيرين فيها.
الطريف في الموضوع، أو ربما المؤسف، ما ذكره النائب عبدالحميد دشتي من أنه سيتساهل في موضوع كلية الشريعة، و«يسمح» باستمرار التدريس فيها، شريطة أن يدرس فيها المذهب الجعفري! وهذه طامة كبرى، وتعني أن المسألة، سواء من خلال آراء المعارضين او المؤيدين، أن الطائفية غالباً كانت نصب أعينهم، ووحده النائب نبيل الفضل اختلف في موقفه عنهم.. وبالتالي أين ذهبت المصلحة والوحدة الوطنية؟