عندما نقترب من «داعش»
تنتشر في بعض المجتمعات الخليجية ظواهر غربية لا تمت الى الإنسانية ولا الى الحضارة ولا حتى الى العدالة بصلة، كعادة نشر إعلانات مدفوعة الأجر لجمع المال من العامة، أو غالبا من المنتمين لتجمع قبلي او عائلي ما لغرض دفع دية شخص قام بقتل شخص آخر، متعمدا أو عن غير قصد، بحيث يحصل أهل المغدور على المبلغ الذي قاموا بتحديده مقابل العفو عن المجرم المذنب ليذهب لحال سبيله. وعلى الرغم مما يعتقده البعض من أن مثل هذه العادات تتصف بالإنسانية وتبين مدى تعاضد أو تآخي مجتمع ما، وأن كل فرد فيه سند للآخر، إلا انه من الصعب تجاهل الجانب المظلم من الموضوع، فهذه التصرفات غالبا ما تشجع البعض على ارتكاب اشد الجرائم واكثرها فظاعة، وهم شبه متيقنين بأن أحدا أو جهة ما ستتدخل لمصلحتهم وتجمع «ديتهم» ودفعها لأهل المغدور والعفو عنه، كما تشجع مثل هذه الممارسات البغيضة اهل المغدور على المبالغة في طلباتهم المالية كلما ارتفعت مكانة المجرم أو القاتل المالية والاجتماعية. طبعا ليس بإمكان كل مذنب مدان توقع تدخل الآخرين لمصلحته، خاصة إن كان غير منتم لتجمع عائلي أو قبلي كبير. وبالتالي فإن هذا النظام يحابي الأغنياء وكبار القوم ويبخس حق الفقراء، ولا يعني ذلك تأييدنا لمثل هذا التصرف. والدية تكون عادة مبلغا ماليا كبيرا يدفع لأهل الضحية لشراء العفو عمن اجرم بحق ابنهم، ونادرا ابنتهم! وهذا كما أعتقد، يخالف النص الديني الذي يطالب بتوقيع القصاص على المذنب. كما أنه من الصعب وصف شعور من يلتقي بمن قام بارتكاب جريمة قتل شخص آخر عمدا، وتصور أنه نجا من العقاب لأن جهة ما دفعت ديته، او النظر لوجه من طالب بالدية وقبوله المال ثمنا لدم ابنه أو أخته أو اخيه!
إن مثل هذه التصرفات تجعلنا، وإن بطريقة غير مباشرة، أقرب الى داعش منه لمن هو ضدها.