يا وزير الداخلية.. لا تخذلنا
">لا أدري إن كان قرار وزارة الداخلية باستحداث «شرطة البيئة» قد جاء بناء على ما سبق ان اقترحناه عليها، أو بمبادرة منها، لكن القرار يصب في مصلحة الوزير ووكيله المتابع والنشط، وهو أفضل قرار إصلاحي صدر عن الوزارة في الفترة الأخيرة، وسيكون له دور ومفعول كبيران في تقويم السلوك العام، إن طبق بشكل جيد. فنحن في أمس الحاجة لمثل هذه القوة لردع مقترفي الجنح والجرائم الصغيرة، التي ثبت علميا أنها السبب في خلق نواة مجرمي المستقبل. فمن يدخن في الأماكن العامة، ومن لا يربط حزام الأمان، ومن يلقي الانقاض في البحر، ويتلف البيئة ويضر بها لن يكتفي باقتراف الأفعال نفسها، بل سيميل ويتشجع، بصورة طبيعية، لاقتراف ما هو أكبر وأكثر إثارة منها، وهم كمدمني الأنواع السهلة من المخدرات، الذين عادة ما يتحولون، مع الوقت، لتعاطي الأنواع الأقوى منها. كما ثبت علميا، حتى في الدول المتقدمة، أن أفضل طريقة لفرض القانون بطريقة حضارية وإنسانية، هي التعامل مع المخالف من خلال محفظة نقوده.
الخطير في الموضوع هنا هو التراخي في تطبيق هذا القانون، فهذا سيعرض هيبة الدولة ورجل الأمن لسخرية مرة، وسوف لا تتمكن الوزارة من «تركيع الوضع» أو إعادة الثقة لسمعتها بسهولة مستقبلا، فالتحدي كبير والمهمة صعبة، والمهم هنا، إن لم يكن الوقت قد تأخر، هو اختيار النوعيات المتعلمة والمنضبطة من رجال الشرطة للعمل في هذه القوة، فالمسألة ليست خذوه وغلوه، بل بتطبيق روحية القانون وليس فقط نصه.
التحدي كبير، ونتمنى أن تنجح الداخلية في مسعاها، فنحن متعطشون بالفعل، لرؤية دولة القانون، بعد أن اصبحنا في شبه حارة «كل من ايده الو»! بعد ان أصبح طبيعيا أن نقرأ أن القانون يمنع استيراد الألعاب النارية، ولكننا نجد من يبيعها علنا على طريق الشاليهات والمزارع وحتى داخل محطات الوقود.
واصبح أمرا غير مستغرب رؤية «المنقبات»، وهن يقدن المركبات من دون اكتراث، مع وجود قانون يمنع ذلك.
كما نعرف بوجود قرار يمنع التدخين في الأماكن العامة، ومع هذا لا يهزنا حتى رؤية رجل أمن يدخن علنا في ميناء جوي أو بحري أو في مجمع.
كما نعرف حرمة المباني العامة، ولكن الخطاط عباس لم يترك محولا أو جسرا، أو عمودا على طريق سريع من دون أن يضع عليه كتاباته واسمه!
نعيد ونقول ان التحدي كبير يا معالي نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، ووكيلكم الفريق سليمان، فالرجاء ألا تخذلونا، فالكثيرون يراهنون على فشل تطبيق المشروع، وأنه سيكون «كهبّات» الوزارة الأخرى، التي سرعان ما تنتهي على «ماميش»!