خرابوه (2-1)
كتب الأستاذ حمزة عباس، أول محافظ في تاريخ بنك الكويت المركزي، ومع هذا ليس له ذكر في موقع البنك على الإنترنت! كتب مقالا مميزا في القبس تعلق موضوعه بالتعليم وكيف أهملته الدولة. وقال ان ما يصرف على التعليم في الكويت يعتبر عاليا بالمقاييس العالمية، ومع هذا فإن تدهوره مستمر، حيث بينت دراستان أجريتا في فترتين قريبتين عن جودة التعليم في 140 دولة، أن ترتيب الكويت في الدراسة الأولى كان في المركز الــ80، وفي الثانية انخفض للمرتبة 108! كما رفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية oecd تضمين الكويت في دراستها لنظم التعليم لـ 76 دولة، لأن جودة التعليم فيها «أدنى» من أن يؤهلها للدخول في الدراسة والتقييم. وفي دراسة للبنك الدولي عن جودة التعليم في الكويت تبين أنه بمستوى دول تعيش تحت خط الفقر!
كما بينت دراسة رابعة، بعد المئة ربما، وجود خلل في توازن المقررات الدراسية لمصلحة المواد النظرية، على حساب المواد التي تشكل جوهر التعليم core of education، وهي المواد العلمية كالرياضيات والاحياء والكيمياء وغيرها.
واستنكر الأستاذ عباس رد فعل السياسيين غير المبالي لهذا الوضع المرعب، واهتمامهم الشديد بخروج منتخب الكويت من كأس الخليج، ووقف الاتحاد الدولي لأنشطة الكرة الكويتية. وتساءل عن السبب الذي أصبح فيه التعليم لدينا مصدر سخرية العالم؟ وأجاب بأن السبب يكمن في تسييس المنظومة التعليمية، الذي بدأ في منتصف ثمانينات القرن الماضي، هذا إلى جانب قصر السنة الدراسية التي لا تتعدى 120 يوماً في السنة! وحتى عندما حاولت الوزارة زيادتها بـ30 دقيقة فقط في الاسبوع احتجت جهات كثيرة، وعلى الأخص جمعية المعلمين الكويتية.
ويستطرد الأستاذ عباس قائلا: انه قضى في عضوية «المجلس الأعلى للتعليم» 16 عاماً! ولا أدري كيف بقي كل هذه الفترة، وهو يعلم بحجم الخراب، وألا يعتقد أن له، بعد 16 عاما، علاقة، وان غير مباشرة، بما وصل اليه التعليم من تدهور؟ فهو كان يعرف طوال الوقت أن كل الدراسات التي تم تقديمها للوزارة انتهت الى سلال القمامة، أو أرشيفها!
وينهي الأستاذ مقاله بطرح مجموعة من التوصيات التي سوف لا نتطرق اليها، بالرغم من أهميتها، لأنها، وبصراحة، سوف لن يلتفت اليها أحد، لا في الحكومة، ولا في الوزارة المعنية، والمشغولة بتركة ثقيلة من المشاكل الشديدة التعقيد، وقد يكون أكبر هموم وزيرها تخوفه من أن من سيأتي بعده سيوقف جميع أعماله الإصلاحية.
وإلى مقال الغد، الصريح والمؤلم!
أحمد الصراف