محنة «الخاص»
الكويت، حسب كل مؤشرات الكرة الأرضية، دولة طاردة للأجانب، وبالتالي من العبث الحديث عن تحويلها لدولة سياحية، والحلم بجذب 30 مليون سائح لها مع عام 2035، ولا حتى عام 2900، من غير تغيير جذري في الكثير من القوانين المعرقلة، وطريقة عمل الإدارة الحكومية. فالكويت، إضافة لجفافها الثقافي، بسبب سياسات المنع والتحريم، وافتقادها أماكن الترفيه، وانحصار التسلية في الأكل، وما يتبع ذلك من امراض، فإنها أصبحت دولة لا تعطي التعليم ما يستحق من أهمية، ولحق الأذى حتى مدارس القطاع الخاص، وبالذات بعد سيطرة التيار الديني على التعليم مع منتصف الثمانينات.
ولو سألت أي أستاذ مخضرم في جامعة الكويت عن مستوى طلبته، لاشتكى مر الشكوى من التدني الشديد لمخرجات التعليم الثانوي، وبالتالي الجامعي، وظاهرة النجاح بـ«القوترة» وغيرها من الوسائل.
كان لا بد من هذه المقدمة قبل الدخول في موضوع التعليم الخاص، وهنا نتكلم عن مرحلة ما قبل الجامعة، حيث يعتبر حاليا من اهم روافد التعليم، ومخرجاته تثبت عقدا بعد آخر، تفوقه على التعليم الحكومي المترهل، بالرغم من كل ما تعانيه المدارس الخاصة من معوقات. وكنت حتى فترة قريبة استطيع التمييز بسهولة بين أبناء إخوتي واخواتي، من الدارسين في المدارس الخاصة، عن الذين يدرسون في الحكومية، بسبب اختلاف قدراتهم وشخصياتهم! وقد تدهور التعليم الخاص بسبب زيادة التدخل الحكومي في أمورها، وغالبا بحجج مختلقة، كالمحافظة على «العادات والتقاليد». فكيف يمكن أن تنجح الحكومة في عملية الإشراف على التعليم الخاص، والتعليم العام في أسوأ وضع؟ فمجموعة القواعد والشروط التي فرضت على المدارس الخاصة، في ذروة سطوة التيار السلفي، جعلت غالبيتها عاجزة عن تقديم خدماتها بالصورة المطلوبة. وبالتالي من المهم على الجهات المعنية المبادرة والاجتماع بممثلي هذه المدارس ومناقشة مشاكلهم، وتقليل التدخل الإداري والفني في عملهم. فكيف يمكن مثلا أن نفرض على مدرسة روسية او فرنسية او أميركية التقيد بنسب العمالة، والدولة برمتها تشكو من المتحدثين باللغة الفرنسية مثلا؟
إن الكثير من المشاكل التي تعانيها إدارات المدارس الخاصة يمكن معالجتها بالتفاهم، فشكوى الرسوم مثلا يمكن للوزارة تكليف اي مكتب محاسبي للنظر فيها ومعرفة حقيقة ما تدعيه هذه المدارس من أن ما تتقاضاه يقل عن مثيلاتها في الدول الأخرى.
نعود ونقول ان الكويت طاردة، ويشكو المقيم من مضايقات كثيرة، ومن الظلم جعل الأوضاع التعليمية فيها أكثر سوءاً. فغالبية المقيمين على استعداد لتجاوز كل أنواع الإجحاف والحرمان في سبيل توفير تعليم جيد لأبنائهم، وبالتالي من الظلم حرمانهم من ذلك، وهذا ما يمكن تحقيقه في ظل كل هذه الرقابة المشددة على عمل المدارس الخاصة من قبل أجهزة حكومية متخلفة ومترهلة. فهذه «التقاليد»، لم تجعل من المواطن افضل من غيره، فكيف يمكن أن تجعل الفلبيني او الهندي او الإنكليزي إنساناً أفضل!؟
أحمد الصراف