لماذا الإخوان وليس إيران؟!
زادت في الآونة الأخيرة وتيرة اللوم ودرجة العتاب على ما ننشر من مقالات ضد حزب الإخوان المسلمين في الكويت، التابع للتنظيم العالمي، وبأنني لا أكتب بنفس القدر والحماس عن إيران وحزب الله! ولا أعرف، كما يقول المصريون «إيش جاب لجاب»؟!
العملية ليست مقالاً بمقال، ولست في معرض الدفاع عن نفسي وأفكاري، فمتابعها يعرفها جيداً وهي لم تتغير كثيراً في غالبيتها منذ نصف قرن، ولا أعتبر هذا مدعاة للفخر، ولكن هذا أنا!
إيران دولة كانت ملكية، أصبحت، من خلال ثورة قل نظيرها في المنطقة، جمهورية، ثم تحوّلت تدريجياً إلى دولة ديموقراطية دينية نتفق معها قليلاً ونختلف معها أكثر، تبعاً لمواقفها من قضايانا، وغالباً تبعاً لمواقف حكوماتنا وزعاماتنا منها، سلباً أو إيجاباً. فمن الغباء مثلاً معاداة كاتب ما لها، أو لأي دولة أخرى، بشكل متطرف، ثم فجأة تتطور العلاقات السياسية مع تلك الدولة، بحيث يتحوّل العداء إلى صداقة، وتصبح تلك التي كانت رأس الشر والخطر جارة وشقيقة وصديقة، وهنا يجد الكاتب أو المعلّق السياسي، الذي سبق أن هاجمها ونعتها بأبشع الصفات، غالباً بأمر حكومته، نفسه في موقف «بايخ» جداً!
السياسة مصالح دائمة، وليست مواقف دائمة. فبحكم الواقع والتاريخ ستتحول يوماً غالبية من كالوا كل ذلك الكم من النقد للنظام الإيراني، وأنا منهم، سيتحولون إلى متعاطفين معه، ولن أكون بالضرورة منهم، متى ما قررت «حكوماتهم» أن زمن التصالح معها قد أزف.
نعيد ونكرر، إن مواقفي من إيران وحزب الله سبق أن أعلنتها، ودفعت، ولا أزال، ثمن ذلك غالياً، ولكن أقول أيضاً، بكل وضوح وصراحة، إن لا إيران ولا حزب الله يشكّلان بالنسبة لي ولوطني ذلك الخطر الذي يطبل له الكثيرون، ولا يعني هذا رضائي أو قبولي بسياساتهما. أما مواقفي من الإخوان المسلمين، فهي موقف مبدئي بقي كما هو لعقود ولا أعتقد أنه سيتغير. فهولاء تنطبق عليهم مقولة «اللهم احمني من أصدقائي. أما أعدائي، فأنا كفيل بهم»! فإيران لا يمكن أن تحتل يوماً أي دولة عربية مهما تجذر نفوذها فيها. وحزب الله سيبقي منظمة محدودة الإمكانات نسبياً تدين بوجودها لإيران، تنمو وتضمحل حسبما يراد لها. وبالتالي ستبقى إيران وحزب الله بنظر الكثيرين «أعداء»، وهذا يعني أن الجميع، حكومة وشعباً، سيكونون حذرين منهما.
أما مع الإخوان، فإن الأمر مختلف تماماً، فهؤلاء يعتبرون، حقيقة ومجازاً، في حكم الأهل والأصدقاء، وتغلغلهم الحزبي واضح، وخلاياهم موجودة ومتجذرة في كل مؤسسة مدنية وغيرها. وبالتالي، يتطلب الأمر الحذر منهم وفضح مخططاتهم، والتحذير منهم! فأنا لا يمكن أن أتخيل «احتلال» إيران لأي دولة عربية، ولكن احتمال وقوع أي دولة عربية تحت سيطرة حكم الإخوان أمر وارد جداً، وسبق أن حدث في أكثر من دولة. وحكمهم، إن وقع وتجذر، فستكون نهاية الحلم بالحرية والديموقراطية والإبداع والفن، وكل شيء جميل. ولهذا، سنبقى نهاجم الإخوان إلى أن ينتهي أحدنا..!
أحمد الصراف