الوفاء للكويت وللسعيدان
ولد حمد محمد السعيدان في الكويت قبل 80 عاما تقريبا، وتوفي عن 52 عاما، وهو دبلوماسي وباحث ولغوي، وواضع «الموسوعة الكويتية المختصرة»، التي تحكي قصة المجتمع الكويتي، لغته ومفرداتها وترجماتها، عاداته وتقاليده، بأنواعها، وآدابه الشعبية وحكمه وأمثاله، وفلسفته في الحياة. كما يحكي عن الأرض الكويتية بصحرائها ونباتاتها، وما فيها من طير وطقس وبحر، باسماكه وسفنه ولآلئه ومغامراته.. وغير ذلك الكثير، والذي أخذ من واضعه سبع سنوات لكي ينهيه.
لم ينه السعيدان دراسته الثانوية، بسبب التحاقه بالعمل في الإذاعة، ولكنه ثابر على دراسة اللغة الإنكليزية والرسم والطبوغرافيا في أكاديمية «وشنهل» في بريطانيا.
واثناء عمله في الإذاعة، انتقل الى مكتبتها، وانكب على دراسة تاريخ الكويت وتراثها ليكون مرجعا أساسيا للباحثين والدارسين. وفي عام 1963 انتقل الى العمل في وزارة الخارجية، حيث أرسل الى سفارة الكويت في نيروبي، التي عمل فيها حتى 1970. ثم التحق بسفارتنا في المملكة المتحدة من 1972 إلى 1985، ملحقا إعلاميا ومستشارا، وعاد الى الكويت ليستمر في عمله التوثيقي في وزارة الخارجية، أمينا عاما لمكتبتها، حتى قبل الغزو العراقي بشهر، عندما أصيب بمرض تطلب نقله للعلاج في الخارج، ولكنه توفي في بريطانيا بعد معاناة، في 27 أغسطس 1991.
ترك السعيدان ثروة ثقافية مهمة، حيث وثق العديد من المواضيع التاريخية في كتبه وأشهرها «الموسوعة الكويتية المختصرة»، التي تقع في ثلاثة أجزاء، ومكونة من 1671 صفحة، وكان ينوي إضافة جزء رابع للأمور التي استدركها بعد الطباعة، إلا إن المنية أدركته قبل تحقيقها.
أصبحت الموسوعة، عند صدورها، مرجعا عاما في تاريخ الكويت وتراثه، ونفدت من الأسواق منذ السنوات الأولى لنشرها، وجرى إعادة طباعتها ثانية عام 1981، مزيدة ومنقحة. وبعد وفاة المؤرخ السعيدان قام ورثته عام 1993 بإعادة طباعتها، بدعم من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
واليوم، وبعد مرور أكثر من 35 عاما على آخر تنقيح وزيادة عرفتها الموسوعة، ونظرا لأهمية مادتها الأدبية والتاريخية، فقد اصبحت بحاجة الى المراجعة، والتجديد والتنقيح، وليس هناك جهة أفضل من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي للقيام بهذا العمل من خلال تكليف فريق من الأكاديميين والباحثين في التراث والمختصين في الوثائق والتاريخ الكويتي للقيام بهذه العملية. وإن كانت هناك اي عوائق قانونية تمنع المؤسسة من القيام بعملية التمويل، فإن الكثيرين، ونحن منهم، على استعداد للتبرع بتمويل هذا العمل الوطني التوثيقي، مع بقاء مهمة التكليف بيد مؤسسة التقدم العلمي.
أحمد الصراف