اليوحة والنداء الثقافي
يمكن القول بثقة إن الكويت شهدت في السنوات الخمس الماضية قفزة نوعية في المشهد الثقافي، بقيادة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والفضل يعود إلى القيادة السياسية التي فتحت المجال لأمانة المجلس، ممثلة في المهندس المبدع علي اليوحة لقيادة هذه القفزة.
إن هذا الانتعاش الثقافي، والاحتفالية الفنية الكبيرة التي نراها، على الرغم من كل التحديات التي يواجهها علي اليوحة يومياً، أمر ليس بالقليل. فهو يحارب قوى ظاهرة وخفية، ولم يكن غريباً أن يستخدم وزير الإعلام السابق أمانة المجلس الوطني، ممثلة بقياداته، كبش فداء، لإرضاء قوى التخلف والردة، لتخفيف ضغوطها عليه، وهذا وغير ذلك يبين خطورة وظيفة هذا الرجل وكونه رأس الحربة في إشاعة عبير الثقافة والفن الذي حرمنا منه طويلاً، هذه أهمية هذا الرجل وأهمية دوره، وبالتالي ليس مستغرباً أن نرى، حتى في معسكره، من هو غير راض عنه، فإرضاء الكل غاية لا تدرك، وعلينا بالتالي إعطاءه مجالاً أكبر للتنفس والحركة، فقيادة حركة الخروج من نفق الظلام والتخلف ليست بالأمر السهل.
المجلس الوطني، كأي مؤسسة حكومية، يشكو ربما من التضخم والترهل الوظيفي والبطء في اتخاذ القرار، وغير ذلك من عيوب، وأسباب ذلك معروفة، ولكن الأمور تقاس، في مثل دولتنا، بما بإمكان هذا الجسم المترهل تقديمه، وهنا نرى أن علي اليوحة قدم ويقدم الكثير الذي عجز أغلبية من سبقوه عن تقديمه، مع الاحترام لهم، ربما لأن الظروف أصبحت مؤاتية أكثر الآن، أو لأن هذا القيادي من خامة مختلفة. فأن يتمكن من تقديم كل هذا الأعمال الرائعة، مع كل الضغوط السياسية التي يتعرض إليها، والبيروقراطية التي يسبح فيها، والفساد الذي لم تسلم منه مؤسسة في الدولة، فإن هذا يعني أن الرجل بإمكانه أن يفعل أكثر، ولكن في ظروف مختلفة، وهنا نأتي إلى موضوع مقالنا.
لقد عانينا في الكويت كثيراً في السنوات التالية للصحوة غير المباركة، ولعصر ظلام عشناه لم تستفد منه غير خفافيش الإخوان وريشهم وتيشهم من سلف وتلف، بعد سيطرتهم على المؤسسات الحكومية. وهذه القوى تعرف أن المجلس الوطني هو الذي سرق منها الأضواء، وجذب الجماهير له، وحرمها مما كانت تحصل بموجب قاعدة و«القائمين عليها»، وهذا ذنب لن تغفره له بسهولة. وللخروج من هذا المأزق، يتطلب الأمر تحصين هذه المؤسسة الثقافية وإعطاءها قدراً أكبر من الاستقلالية بجعلها هيئة تابعة لرئيس الحكومة مباشرة، وهو الأمر الذي يتواكب مع الدور الحضاري الذي أصبحت الكويت تستعد لتسلم ريادته ثانية في المنطقة، وهذا أمر لا تستطيع دبي أو غيرها في المنطقة أن تنافسنا فيه!
فهل سنرى قريباً تحقق هذا الأمر على يد الوزير الشاب الشيخ محمد العبدالله؟
نتمنى ذلك.
أحمد الصراف