اكرهوها.. ولكن تعلموا منها
هذا المقال مقتبس في فقرات منه من آخر ما كتبه الزميل والنائب السابق حسن جوهر.
في أواخر أيام مجلس 2009، فجرت القبس فضيحة تتعلق بوجود مبالغ مالية ضخمة في حسابات عدد من النواب الموالين أكثر للحكومة، ونتج عن الفضيحة سقوط الحكومة وحل مجلس الأمة.
قدّرت في حينها المبالغ، التي دُفعت هنا وهناك، بأكثر من 300 مليون دينار، أو مليار دولار، ولكن تداعياتها السياسية والأمنية كانت أكبر، ولا نزال نعاني منها، حيث نتج عنها دخول الشارع الكويتي في دوامة من الأزمات السياسية، الصامتة غالبًا، ولكن في النهاية تمت لفلفة الموضوع، وتناسي الفضيحة المالية السياسية.
تبين اليوم، وبعد خمس سنوات من تلك الفضيحة، ومن واقع البيانات الحكومية الرسمية، وأرقام موازنة الدولة العامة، أن الحكومة صرفت 4 مليارات دينار، أو 13 مليار دولار، من دون سند قانوني، أو مستندات صرف، أو حتى معرفة الجهات التي استفادت أو استولت على الـ13 مليار دولار! والأدهى من ذلك أن هذا التجاوز الرهيب مر تشريعياً ورقابياً من دون أن تهتز شعرة في جسد أغلبية أعضاء مجلس الأمة، خاصة ممن كانوا في طليعة الاحتجاجات والتظاهرات ضد «قبيضة الميار»، حيث أقر المجلس ميزانية الدولة لعام 2018/2017 بكل أريحية و«تعاون»، لكي يتفرغ لعطلته البرلمانية. وحده النائب رياض العدساني هدد باستجواب رئيس الحكومة في هذا الشأن، في الوقت الذي بلع فيه أشاوس المعارضة السابقة ألسنتهم، ومنحوا الحكومة ورئيسها حصانة ضد المساءلة حتى نهاية عمر المجلس الحالي!
في جانب آخر، سجلت إسرائيل علينا الانتصار رقم 21345، عندما قام رئيس وزراء الهند، أكبر ديموقراطيات العالم، بزيارة تاريخية لها، وودعنا الزعيم الهندي مودي بأن لدى إسرائيل والهند الكثير الذي يمكن أن تقدماه للعالم.
ومن جانب ثالث، انتشرت على وسائل التواصل صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، وهو يتناول وجبة غداء متواضعة في أحد السجون الإسرائيلية، بعد أن أدين بتلقي رشوة مالية متواضعة أثناء رئاسته لبلدية تل أبيب.
خدم إيهود أولمرت سبع سنوات في جيش إسرائيل، من 1963 حتى 1971. وأصبح وزيرًا في الفترة من 1988 حتى عام 1993. ومنذ عام 1993 حتى عام 2003 شغل منصب رئيس بلدية تل أبيب، عندما حصلت حادثة الرشوة. ثم عاد للوزارة عام 2003، وفي 2006 أصبح رئيسًا للوزراء حتى عام 2009.
كل هذا التاريخ لم يشفع له، حيث أدانته المحكمة وألقي بالسجن ليواجه نهاية تاريخه كسياسي وكمواطن محترم.
هكذا تكبر الشعوب وتتقدم وتنتصر على «أعدائها»، فلا صوت فيها يرتفع مدافعًا عن خائن أو مرتشٍ أو سارق، بحجة أنه خدم الدولة كرياضي أو سياسي، حتى لو كان بطلاً أو رئيسًا سابقًا، فالجميع متساوون أمام القانون.
يحدث ذلك في إسرائيل، أما عندنا فنحن عاجزون عن الإجابة على سؤال مشروع يتعلق بما حدث لمبلغ 13 مليار دولار، صُرفت من المال العام من دون حساب ولا رقابة ولا صمون، ثم نستغرب بعدها تردد الحكومة في نشر أسماء مزوري الشهادات الدراسية لموظفين كبار ووزراء ونواب أكبر.
أحمد الصراف