«الإخوان» وكوكلوكس كلان
ظهرت منظمة كوكلوكس في أميركا عام 1866، وكانت منذ نشأتها عنصرية، وتؤمن بتفوق الجنس الأبيض، وتعادي السامية والكاثوليك والمثليين، ولا تتردد في قتل وحرق أعدائها على الصلبان.
نجحت الحكومة في القضاء عليها عام 1871، ولكنها عادت للظهور عام 1915، بعد أن أصبحت منظمة رسمية، ووصل عدد المنتسبين إليها، في عشرينات القرن الماضي، إلى قرابة %15 من السكان، ولكن مع موجة الكساد، وتأثيرات الحرب العالمية الثانية، وما طال قادتها من فضائح، وكرههم للمرأة، ودعمهم للنازيين، وعدم إيمانهم المطلق بحقوق البشر المدنية، فقد كرههم الجميع، وأصبحوا على الهامش تماماً.
***
يقول الزميل السعودي مشاري الذايدي: إن من أكثر الملاحظات التي تستدعي النظر والاستغراب حين تناقش شخصا يدافع عن جماعة الإخوان المسلمين، هو الجهل المريع بتاريخ وشخصيات وأحداث الجماعة! فالمفترض بمن ينبري للدفاع عنهم أن يلم بحقيقة الجهة التي يدافع عنها. فقد جمعني مجلس مع أحد الغيارى على الإخوان، حيث نفى، بشكل يقيني، أن يكون للجماعة أي تاريخ إجرامي أو إرهابي. وأن هذا افتراء. فقلت له: وماذا عن قتل كل من القاضي أحمد الخازندار، ورئيسي الحكومة أحمد ماهر ومحمود النقراشي وحكمدار بوليس القاهرة سليم زكي، هذا غير تفجير مقرات السينما، وإحراق محلات «جروبي» و«شيكوريل» التي كان يمتلكها غير مسلمين؟ وهذا فقط في العهد الملكي؟ إلا أنه كابر ونفى. فأضفت أن من يتابع قصة «النظام الخاص» المتخصص في عمليات الاغتيال وتصنيع المفخخات، يكتشف أنه كان للإخوان قصب السبق في اختراع الحزام الناسف، الذي كان إحدى الصيغ المطروحة لقتل عبد الناصر في عملية المنشية الشهيرة عام 1954. وماذا عن إشراف سيد قطب على أخطر تنظيم إرهابي عسكري هدف للسيطرة على الحكم؟ وليست هنا المشكلة فقط، بل طريقة الوصول إلى ذلك، وهي من خلال تفجير محطات الكهرباء واستهداف القناطر الخيرية وسدودها التي تتحكم في تدفق مياه النيل في دلتا مصر الغاصة بالسكان. يعني قتلا جماعيا للمصريين العاديين، وكل هذه الأمور تكلم عنها علي عشماوي، أحد أعضاء «تنظيم 65»، وله كتاب عن جرائم هذا التنظيم. ومن المؤكد أن صاحبي المتحمس للدفاع عن الجماعة لم يقرأ هذا الكتاب. وربما اكتفى بدعاية الإخوان أن كلام عشماوي وغيره افتراءات.
لدينا مكتبة كاملة. أغلبها من تأليف الإخوان أنفسهم. تكشف الأفكار الانقلابية التكفيرية. وتحكي تفاصيل العمل السري والقتل والتجسس. ومن هؤلاء مثلا صلاح شادي، أحد قادة النظام الخاص، كما أن هناك كتاب «أنا والإخوان، من المنشية إلى المنصة» للواء فؤاد علام، نائب رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق، ويقصد محاولة اغتيال ناصر 1954، والسادات عام 1981. انتهى الاقتباس.
من كل تاريخ الإخوان وفلسفتهم في الحكم يتبين أننا هنا بصدد تنظيم عالمي إرهابي، تمتد جذروه إلى أميركا وكندا وأستراليا وأوروبا، وفي عشرات الدول العربية والإسلامية، وليس حزبا محليا تقليديا يمكن التعايش معه، كما يميل «الإخوان» إلى تصويرهم.
كما أنهم يؤمنون بكونهم الناطقين الوحيدين باسم الله، وأنهم مالكو حق تفسير كلماته، ويؤمنون بالعنف وسيلة لتحقيق غاياتهم والاقتصاص ممن يخالفهم.
ومن هذا المنطلق أقول للأخ الليبرالي والصديق العلماني بأنني سأكون أول من ينخرط في عضوية حزب الإخوان المسلمين، واعتبارهم فصيلا سياسيا يستحق الاحترام، إن هم تخلوا عن شعار «السيفين وكلمة وأعدوا»، وإن هم قبلوا ببنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأعلنوا عن تخليهم عن العنف وسيلة للوصول إلى الحكم، وإن هم آمنوا بكامل حقوق المرأة، وابدوا استعدادهم لمشاركة غيرهم، من مسلمين ومسيحيين ويهود، في الحكم، فإن رفضوا، فهم والكوكلوكس كلان سواء، في تطرفهم وإرهابهم.
أحمد الصراف