نكبة التدريب والتمريض
تهدف الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب إلى توفير القوى العاملة الوطنية الفنية والمهنية لتلبية احتياجات التنمية في البلاد في المجالات المختلفة، لتحقيق التقدم والرفعة للوطن. ومن أهداف الهيئة جعل الشباب الكويتي أمل الغد، الذي يعتمد عليه في بناء الوطن، وإيجاد العمالة الوطنية لمستويات العمالة الوسطى الفنية والمهنية، التي تحتاجها البلاد لتصبح منافسة للعمالة الوافدة في كثير من مجالات الإنتاج والخدمات، وأن تتحمل مسؤولياتها الوطنية في التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
هذا ما ورد في موقع الهيئة، وهو كلام أقرب للغو منه للواقع، فلم يتحقق منه شيء ملموس على مدى نصف قرن، فالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب تعتبر أكثر جهة حكومية فاشلة في عملها، وكانت سببا في وقوع كوارث تعليمية وفساد إداري وضياع مئات ملايين الدنانير، من دون أن تنجح في تحقيق أي من أهدافها. ومعهد التمريض، التابع للهيئة، أحد أمثلة الفشل، فقد تم افتتاحه عام 1962 تحت مسمى كلية التمريض، كان يتبع وزارة الصحة، وبإشراف التربية، قبل أن يلحق عام 1988 بالتعليم التطبيقي. ولم ينجح هذا المعهد أو الكلية، بعد نصف قرن من المخرجات، من رفد الخدمة الطبية بشيء يذكر من احتياجات الدولة من الممرضين او الممرضات، ومن النادر أن نجد ممرضة كويتية تعمل في أعمال التمريض الحقيقية، فالالتحاق بالمعهد كان سلما وصل لمؤهل في فترة قصيرة والحصول على مرتب عال، ومن ثم الاستعانة بنائب مثلا لتغيير مكان العمل، أو النوبة، وبعدها التحول لعمل إداري. وبالتالي كان مستغربا قيام رئيس مجلس إدارة جمعية التمريض، بالتهديد بإضراب الممرضين عن العمل، إن لم يتم منحهم مطالبهم بيومي راحة في الأسبوع، وأن إدارة التمريض لم تنصفهم، ولا الوزير، وأن الأمور ما زالت ضبابية، وغير معروف صاحب القرار، وضرورة تعيين وكيل وزارة مساعد لشؤون التمريض، بعد أن وصل عدد الممرضين إلى 25 ألفا، وليس لهم وكيل متفرغ. كما طالب رئيس الجمعية الوزارة بحل مشاكلهم ورفع الظلم عنهم. كما طالب مجلس الوزراء بمساواة الممرضين مع نظرائهم الأطباء في الاستثناء من تطبيق البصمة، حسب قرار ديوان الخدمة المدنية الجديد، الذي سيطبق في شهر أكتوبر المقبل.
والحقيقة أن من الصعب عدم التعاطف مع مطالب جمعية التمريض، ولكن أين هو الممرض والممرضة الكويتية؟ ولماذا لا نزال نرى قيام ممرضين وممرضات من الهند بدفع مبالغ تصل لعشرة آلاف دينار لكل فرد للحصول على عمل في الكويت؟ علما بأنه تم تعيين عشرات الآلاف على هذا النظام الفاسد، وكل من يعمل في الصحة يعرف حقيقة هذا الأمر منذ سنوات عدة، والسبب أن الممرض أو الممرضة الهندية يدفع هذا المبلغ بكل طيبة خاطر لأن الراتب، لثلاث سنوات مثلا، يقارب الأربعين ألف دينار، إضافة إلى أن ما يحصلون عليه من تدريب في مستشفيات يؤهل غالبيتهم، تلقائيا، للحصول على وظائف في مستشفيات أوروبا وأميركا. وقد تسببت هذه القضية في أزمة صامتة بين الحكومتين الهندية والكويتية. كما كانت محل تساؤل برلماني، ومحورا من محاور الفساد التي حامت حول أحد وزراء الصحة السابقين.
نختصر الموضوع ونقول إننا مع قرار الجمعية بالدعوة إلى الإضراب، إن كانت حقوق الممرض الكويتي مهضومة، ولكن قبل ذلك أين هو الممرض الكويتي؟
أحمد الصراف