مسرحية حوار الأديان
وقعت حروب دينية عدة بين دول ومجتمعات متنوعة، ولم تسلم منها غالبا إلا تلك التي لا تتشدد في المواضيع الدينية، وبالتالي لم تعانِ مناطق كثيرة في العالم من هذه الحروب كالهند، قبل دخول المسلمين اليها، ودول جنوب شرق آسيا، التي يقطنها أكثر من مليارين من البشر.
ومعروف تاريخيا أن أعداد المسيحيين، الذين وقعوا قتلى في حروب دينية، على أيدي مسيحيين آخرين يزيد بكثير عما قتل منهم على أيدي أتباع الديانات الأخرى، منذ نشأة الكنيسة وحتى اليوم. والأمر ذاته يسري على قتلى المسلمين في حروبهم الطائفية، وبالتالي يبلغ الأمر قمة النفاق عندما ينادي البعض بالحوار بين الديانات، ليس لسطحية الهدف، بل لأننا أحوج ما نكون إلى الحوار مع أنفسنا أولاً، وبعضنا مع بعض، قبل أن نقرر الحوار مع أصحاب الديانات الأخرى.
كما أن التقاء رجال دين بغيرهم من أتباع الديانات الأخرى أمر يدعو إلى الاستغراب حقا. فما بين هؤلاء من أمور مختلف عليها أكثر بكثير مما هم متفقون عليه، إن وجدت.
لا شك أن الحوار، في أي أمر، مطلوب، عندما يكون هناك اختلاف يمكن تجاوزه للوصول إلى أرضية مشتركة على أساس مبادئ عامة، أو حقائق محددة، لكن الحوار الديني هو أقرب ما يكون إلى حوار الطرشان، فكل طرف يقوم باستماتة بإبداء وجهة نظره في مجموعة من الأمور الخلافية، والطرف الآخر ينتظر دوره ليقول الشيء نفسه، فينتقل الطرش فجأة الى الجهة الأخرى.. وهكذا!.
لقد صرفت الملايين على مؤتمرات الحوار هذه، التهم المشاركون فيها أطنانا من الطعام الطيب، ولثم بعضهم وجوه بعض تقبيلاً لكن بعد نصف قرن تقريبا لم يتقدم الحوار شبرا واحدا ولم ينتج عنه تزحزح أي طرف عن سابق مواقفه، وبالتالي فإن هذه المحاورات والمناقشات واللقاءات «الأخوية» لا تعدو أن تكون تمثيلاً من كل طرف على الطرف الآخر، فكل مشارك مؤمن ومصدق لما جاء في كتابه، ولا نية لديه لتصديق محتويات كتاب الآخر.
إن الاختلاف بين أي متحاورين دينيا ليس موضوعا يمكن، من خلال النقاش، التوصل الى أرضيه مشتركة فيه. ولو كان الأمر بهذه السهولة لما كانت هناك حروب دينية أصلاً!
لست ضد أي تقارب مع الآخر بالطبع، لكن محاولة حرق المراحل لم ولن تؤدي لأي نتيجة، والحلم بوحدة دينية يشبه حلم الوحدة العربية، وبالتالي نحن أحوج الى التقارب داخليا! فمن المؤسف مثلاً ملاحظة تبرع الهند، الهندوسية في غالبيتها، بأكثر من مليون طن من القمح لجائعي أفغانستان، السنة المسلمون في غالبيتهم، لكن رفضت باكستان، السنية المسلمة في غالبيتها، مرور الشاحنات الهندية على أراضيها، فلجأت الهند لإيران، الشيعية، لإيصال الغذاء الهندوسي لأفغانستان السنية.
أحمد الصراف
ومعروف تاريخيا أن أعداد المسيحيين، الذين وقعوا قتلى في حروب دينية، على أيدي مسيحيين آخرين يزيد بكثير عما قتل منهم على أيدي أتباع الديانات الأخرى، منذ نشأة الكنيسة وحتى اليوم. والأمر ذاته يسري على قتلى المسلمين في حروبهم الطائفية، وبالتالي يبلغ الأمر قمة النفاق عندما ينادي البعض بالحوار بين الديانات، ليس لسطحية الهدف، بل لأننا أحوج ما نكون إلى الحوار مع أنفسنا أولاً، وبعضنا مع بعض، قبل أن نقرر الحوار مع أصحاب الديانات الأخرى.
كما أن التقاء رجال دين بغيرهم من أتباع الديانات الأخرى أمر يدعو إلى الاستغراب حقا. فما بين هؤلاء من أمور مختلف عليها أكثر بكثير مما هم متفقون عليه، إن وجدت.
لا شك أن الحوار، في أي أمر، مطلوب، عندما يكون هناك اختلاف يمكن تجاوزه للوصول إلى أرضية مشتركة على أساس مبادئ عامة، أو حقائق محددة، لكن الحوار الديني هو أقرب ما يكون إلى حوار الطرشان، فكل طرف يقوم باستماتة بإبداء وجهة نظره في مجموعة من الأمور الخلافية، والطرف الآخر ينتظر دوره ليقول الشيء نفسه، فينتقل الطرش فجأة الى الجهة الأخرى.. وهكذا!.
لقد صرفت الملايين على مؤتمرات الحوار هذه، التهم المشاركون فيها أطنانا من الطعام الطيب، ولثم بعضهم وجوه بعض تقبيلاً لكن بعد نصف قرن تقريبا لم يتقدم الحوار شبرا واحدا ولم ينتج عنه تزحزح أي طرف عن سابق مواقفه، وبالتالي فإن هذه المحاورات والمناقشات واللقاءات «الأخوية» لا تعدو أن تكون تمثيلاً من كل طرف على الطرف الآخر، فكل مشارك مؤمن ومصدق لما جاء في كتابه، ولا نية لديه لتصديق محتويات كتاب الآخر.
إن الاختلاف بين أي متحاورين دينيا ليس موضوعا يمكن، من خلال النقاش، التوصل الى أرضيه مشتركة فيه. ولو كان الأمر بهذه السهولة لما كانت هناك حروب دينية أصلاً!
لست ضد أي تقارب مع الآخر بالطبع، لكن محاولة حرق المراحل لم ولن تؤدي لأي نتيجة، والحلم بوحدة دينية يشبه حلم الوحدة العربية، وبالتالي نحن أحوج الى التقارب داخليا! فمن المؤسف مثلاً ملاحظة تبرع الهند، الهندوسية في غالبيتها، بأكثر من مليون طن من القمح لجائعي أفغانستان، السنة المسلمون في غالبيتهم، لكن رفضت باكستان، السنية المسلمة في غالبيتها، مرور الشاحنات الهندية على أراضيها، فلجأت الهند لإيران، الشيعية، لإيصال الغذاء الهندوسي لأفغانستان السنية.
أحمد الصراف