«بسّنا» مساجد يا صلاح
العنوان مشتق من جملة شهيرة يكررها الفنان الكبير سعد الفرج في مسلسل «درب الزلق».
* * *
صرّح محافظ الغربية في مصر، بمناسبة فوز اللاعب المصري محمد صلاح بجائزة افضل لاعب في الدوري الانكليزي، بأن المحافظة ستقيم احتفالات كبيرة بهذه المناسبة، وبمناسبة تبرّعات اللاعب صلاح لها، ولقراره بالصرف على تطوير مستشفى بسيون، وبناء مسجد فيها على أحدث طراز!
لا أدري ماذا يعني بالضبط تعبير «أحدث طراز»، ولكنه حتما يقصد به الصرف الكبير أو الباذخ، غير مدرك في الوقت نفسه، جهلا أو عنادا، أن المشكلة في مصر وغيرها من الدول الإسلامية لا تكمن في نقص دور العبادة، ولا في «الباذخ» منها، ولكن في النقص الرهيب في كل شيء ضروري.
فهناك نقص مهول في المدارس ونقص في المعاهد المهنية والحرفية ونقص في الجامعات طبعا، وفي كل ما له علاقة بالعلم وبتدريب اليد العاملة وتوفير الوظائف. كما أن البلهارسيا تفتك بالشعب المصري منذ قرون، وهو في أمسّ الحاجة الى من يقدّم له الوعي والعلاج. كما أن هناك نقصا مخيفا في مياه الشرب، وفي أشياء كثيرة أخرى.
نعم، المساجد مهمة وممارسة العبادة ضرورية لفئات كبيرة، ولكن ما حاجتنا حقا الى بناء مراكز دينية فخمة في قلب الصعيد والمناطق الزراعية الفقيرة في الوقت الذي تفتقر فيه هذه المناطق إلى الضروريات. ولو عدنا إلى 1400 عام إلى الوراء فهل سنجد أن وراء بقاء الإسلام أو انتشاره مساجد فخمة؟
ما لا يعلمه حتما اللاعب محمد صلاح، وهذا ما تقع مسؤولية توصيل الأمر له على أكتاف محبيه ومشجعي فريق ليفربول، وعلى رأسهم مصطفى أبو حمد، رئيس رابطة مشجّعي الفريق، أن نسبة الأمية في مجمل الدول العربية تبلغ %20، أي ان هناك 100 مليون إنسان عربي لا يقرأ ولا يكتب، ومعرض نتيجة لذلك لمختلف الأخطار. والأهم من ذلك أن ثلثي الأميين بيننا من الإناث، أمهات المستقبل. كما تصبح المخاطر مخيفة أكثر عندما نعلم بأن هذه المعدلات تبلغ ضعف المعدلات العالمية، والوضع طبعا أكثر سوءا في الدول الإسلامية في أفريقيا وآسيا، وفقا لإحصائيات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وليست المصادر الاستعمارية والصهيونية. وتقدر هذه المنظمة أنه لو استمرت الأوضاع على ما هي عليه في دولنا «فقد» تمحى الأمية من كامل العالم العربي مع عام 2050.
وعليه، فإن مجتمعاتنا الفقيرة والمتخلفة ليست بحاجة الى مساجد بقدر حاجتها الماسة للتعليم والدواء والكساء والبيت، وقبل ذلك التدريب للقضاء على البطالة التي تقف وراء كل مشاكل المجتمعات العربية.
أحمد الصراف