السهلي وتوثيق أحداث الوطن
تعتبر الأزمة المالية الخانقة التي مرت بها الكويت في بداية ثمانينات القرن الماضي، التي عرفت بأزمة «المناخ» (نسبة إلى السوق أو المنطقة التي كانت تنوخ فيها الجمال القادمة من البادية)، وهي الأزمة التي لا يزال الكثير من «فرسانها» على قيد الحياة، من أعنف الأزمات المالية التي مرت بها الكويت، حيث عصفت بمجتمعها الصغير عصفا رهيبا، وتركت آثارا سلبية لم ولن تمحى لفترة طويلة قادمة، ولا تزال الكثير من أحداثها حية في ذاكرة الكثيرين، فقد دمرت بيوتا وقوّضت شركات وعصفت بأسر، وكانت سببا في تعرض رجال أعمال كبار ومقاولين وفنانين وأطباء وخبراء اقتصاديين ومهندسين ومصرفيين معروفين للإفلاس. كما تعرضت بيوت كثيرة وأسر «عريقة» للخلاف واللجوء للقضاء، ووقوع الطلاق بين الزوج وزوجته، والخلاف بين الأخ وأخيه، والأب وابنه، والأم وابنها.. ولا أبالغ إن قلت إنها تشبه في آثارها المدمرة ما أصاب الكويت من دمار اقتصادي إثر انهيار تجارة اللؤلؤ فيها قبيل وقوع الحرب العالمية الثانية، عندما نجح الياباني ميكو موتو في استزراع اللؤلؤ بطريقة مبتكرة، وإغراق الأسواق بمنتجه، فكسد حال اللؤلؤ الطبيعي في مختلف دول منطقة الخليج ومنها الكويت، وأصبح أسطولها البحري بلا عمل تقريبا، وهو الذي كانت أعداده في سنة الطفحة، أو قمة الازدهار الاقتصادي، تزيد على ثمانمئة سفينة صيد وتجارة. ولا شك أن الكثيرين في المقابل حققوا لأنفسهم ثروات كبيرة من المناخ، عندما خرجوا من «اللعبة» في مرحلة مبكرة ورموا الجمرات الملتهبة أو الأسهم المتضخمة كثيرا في أسعارها على من توقع استمرار ارتفاع قيمتها.. إلى الأبد!
وعلى الرغم من الأثر الكبير لأزمة المناخ، فإن الحكومة تعمدت عدم تسليط الضوء على الأزمة أو محاولة توثيقها، وفضلت تناسيها ربما لدورها السلبي في تفاقمها، وبعد ذلك تخبطها في وضع الحلول لها، وما صاحب تلك المرحلة من تسريبات حكومية استفاد البعض منها وحقق ثروات بطريقة غير سليمة، وفقد البعض الآخر مناصبه الرفيعة نتيجة لذلك.
ومن الجدير بالذكر ان جهات مالية كبيرة حاولت توثيق تلك المرحلة من خلال أفلام وثائقية، شاركت شخصيا في أحدها، ولكنها بقيت حبيسة الأدراج، على الرغم من المبالغ الكبيرة التي صرفت على إنتاجها بمستوى عال من الحرفية، وأحد تلك الأفلام ما أنتجته شركة الساحل للتنمية والاستثمار، على حسابها، عندما كان يترأسها سليمان خالد السهلي، عام 2012. وقد جاءت مبادرته تلك من منطلق حرصه على توثيق تلك الحقبة المهمة في تاريخ الكويت من خلال فيلم وثائقي بعنوان «أزمة سوق المناخ وحقيقة ما جرى».
استغرق إنتاج الفيلم عامين وتضمن إجراء مقابلات مع أكثر من أربعين شخصية، كان لها دورها وتأثيرها على مجريات أحداث تلك الحقبة، وتم تاليا تكريمها من خلال حفل أقيم حينها تحت رعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الصباح.
وعلى الرغم من أن الفيلم أنتج على أعلى مستوى من الحرفية وكلف الكثير فإن تلفزيون الدولة الرسمي لم يقم حتى الآن بعرضه.
إن إهمالنا في عرض مثل هذه الأعمال يعني تجاهل حقبة مهمة في تاريخ الكويت، وهذا يخالف ما تتبعه حكومات الدول التي تحترم شعوبها. ولا ننسى أن حادثة أو مصيبة غزو الكويت عام ١٩٩٠ من قبل صدام واحتلاله واستباحته للوطن سبعة أشهر عجاف لم توثق بطريقة سليمة، على الرغم من أن الحدث يمثل نقطة فاصلة في تاريخ الكويت، والحدث الأكبر في حياة شعبها.
إننا نطالب كل من يمون على وزير الإعلام حثه على الإفراج وعرض الأفلام الوثائقية التي ورد ذكرها في مقالنا لأهميتها، ويعتبر ما وثقته جزءا من تاريخ وطننا.
أحمد الصراف
وعلى الرغم من الأثر الكبير لأزمة المناخ، فإن الحكومة تعمدت عدم تسليط الضوء على الأزمة أو محاولة توثيقها، وفضلت تناسيها ربما لدورها السلبي في تفاقمها، وبعد ذلك تخبطها في وضع الحلول لها، وما صاحب تلك المرحلة من تسريبات حكومية استفاد البعض منها وحقق ثروات بطريقة غير سليمة، وفقد البعض الآخر مناصبه الرفيعة نتيجة لذلك.
ومن الجدير بالذكر ان جهات مالية كبيرة حاولت توثيق تلك المرحلة من خلال أفلام وثائقية، شاركت شخصيا في أحدها، ولكنها بقيت حبيسة الأدراج، على الرغم من المبالغ الكبيرة التي صرفت على إنتاجها بمستوى عال من الحرفية، وأحد تلك الأفلام ما أنتجته شركة الساحل للتنمية والاستثمار، على حسابها، عندما كان يترأسها سليمان خالد السهلي، عام 2012. وقد جاءت مبادرته تلك من منطلق حرصه على توثيق تلك الحقبة المهمة في تاريخ الكويت من خلال فيلم وثائقي بعنوان «أزمة سوق المناخ وحقيقة ما جرى».
استغرق إنتاج الفيلم عامين وتضمن إجراء مقابلات مع أكثر من أربعين شخصية، كان لها دورها وتأثيرها على مجريات أحداث تلك الحقبة، وتم تاليا تكريمها من خلال حفل أقيم حينها تحت رعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الصباح.
وعلى الرغم من أن الفيلم أنتج على أعلى مستوى من الحرفية وكلف الكثير فإن تلفزيون الدولة الرسمي لم يقم حتى الآن بعرضه.
إن إهمالنا في عرض مثل هذه الأعمال يعني تجاهل حقبة مهمة في تاريخ الكويت، وهذا يخالف ما تتبعه حكومات الدول التي تحترم شعوبها. ولا ننسى أن حادثة أو مصيبة غزو الكويت عام ١٩٩٠ من قبل صدام واحتلاله واستباحته للوطن سبعة أشهر عجاف لم توثق بطريقة سليمة، على الرغم من أن الحدث يمثل نقطة فاصلة في تاريخ الكويت، والحدث الأكبر في حياة شعبها.
إننا نطالب كل من يمون على وزير الإعلام حثه على الإفراج وعرض الأفلام الوثائقية التي ورد ذكرها في مقالنا لأهميتها، ويعتبر ما وثقته جزءا من تاريخ وطننا.
أحمد الصراف