قصة سعيد رمضان
تساءلت، من دون أي براءة، في مقال الإثنين الماضي، المتعلق بسيرة الداعية طارق رمضان، عن سر قوة ومقدرة والده، الموظف لدى حسن البنا، الذي استطاع الهجرة إلى سويسرا، والحصول على الجنسية السويسرية، التي كانت ولا تزال من الأصعب في العالم. وبالأمس جاء اتصال من صديق قارئ ليساعدني في الإجابة عن السؤال.
كان سعيد رمضان، والد طارق، في الثانية، عندما أعلن حسن البنا عن تأسيس حركته الدموية عام 1928، وشاءت الصدف أن يصبح أحد أعضاء التنظيم، وهو شاب صغير، ويترقى ليصبح سكرتيرا شخصيا للبنا، وهذا مكنه من الاحتكاك بآل بيته ووقوع الابنة وفاء في حبه، وهو الشاب الوسيم والطموح.
فتحت تلك المصاهرة أبواب السماء وخزائن الأرض أمام سعيد، الذي كان طبيعياً أن يصبح مع الوقت من قيادات الإخوان المسلمين. وهنا اختار أن يكون أحد أوائل الإخوان في أوروبا، حيث اختار السكن في جنيف، سويسرا، والانطلاق منها الى أوروبا، فأسس في ألمانيا «الجمعية الإسلامية في ميونخ»، التي ترأسها من 1958 إلى 1968. كما شارك تالياً في تأسيس «رابطة العالم الإسلامي»، التي يرأسها القرضاوي، حالياً!
ذكر المؤرخ والكاتب البريطاني الشهير، ستيفن دوريل، في كتابه الوثائقي «إم آي سكس: 50 عاماً في العمليات الخاصة،mi6 fifty years of special operations»، تفاصيل دقيقة عن عمالة سعيد رمضان لأجهزة المخابرات العالمية، حيث ذكر أنه بعد تفجر الصراع بين محمد نجيب وعبدالناصر عام 1954، وانتصار ناصر، وما أعقبه من نجاح الأخير في إجلاء البريطانيين عن مصر، بدأت المخابرات البريطانية التفكير في تدبير انقلاب للإطاحة بنظام حكمه، وقد وجدت ضالتها في جماعة الإخوان المسلمين كأفضل قوة لتنفيذ هذا المخطط. وهنا يظهر اسم سعيد رمضان، الذي كان قد انضم للإخوان المسلمين عام 1940، والذي أصبح (كما يقول الكاتب)تاليا عميلا للمخابرات البريطانية والأميركية والسويسرية. ومن جنيف انطلقت الحركة المضادة. كما كان هناك تنسيق مع عدد آخر من جماعة الإخوان، ممن لجأوا الى السعودية لتنظيم انقلاب ضد نظام الحكم في مصر، وقد علم عبدالناصر ببعض ما يفعله سعيد رمضان ــ كما يقول الكتاب ــ فقام بسحب الجنسية المصرية منه. كما كانت المخابرات السويسرية، بعد أن انتقل سعيد للسكن في سويسرا، على علم بعمالته للمخابرات الغربية، وأن نشاطه موجه بالتنسيق معهما ضد نظام الناصر، ولهذا، كما يقول الكتاب مستندا للأرشيف السويسري، فإن أجهزة مخابراتهم تركته يعمل على أساس أن جماعته لا تعكس اتجاهات معادية للغرب، بل تحارب ضد نظام عبدالناصر المعادي للغرب!
ويقول الكاتب ان سعيد قام بالتنسيق مع حسن الهضيبي، مرشد جماعة الإخوان المسلمين الجديد، من خلال تريفور إيفانز، المستشار الشرقي في السفارة البريطانية، للتخطيط لعملية اغتيال جمال عبدالناصر في 26 تشرين الأول – أكتوبر 1954، أثناء قيام عبدالناصر بإلقاء خطاب في ميدان المنشية بمدينة الإسكندرية احتفالاً بتوقيع اتفاقية الجلاء، حيث أطلق محمود عبداللطيف، أحد أعضاء الجماعة، عدة رصاصات عليه لم تصبه، وترتب على فشلها، كما يقول ستيفن دوريل، وقوع الصدام الأول بين ناصر والإخوان.
ويخوض الكاتب دوريل في تفاصيل كثيرة في كتابه المثير، ونتيجته أن سعيد رمضان لم يكن شخصاً عادياً، بعد انتقاله للعيش في أوروبا، بل أصبح صلة وصل الإخوان مع أجهزة المخابرات الغربية، كما أصبح مع يوسف ندا، صاحب بنك التقوى، والذراع المالية الصلبة للإخوان، يشكلان قوة التنظيم المالية العالمية.
وهكذا نرى أن تساؤلنا في مقالنا السابق كان ضرورياً للوصول لمعرفة بعض من سيرة والد الداعية طارق رمضان، وهنا يبطل العجب!
أحمد الصراف
كان سعيد رمضان، والد طارق، في الثانية، عندما أعلن حسن البنا عن تأسيس حركته الدموية عام 1928، وشاءت الصدف أن يصبح أحد أعضاء التنظيم، وهو شاب صغير، ويترقى ليصبح سكرتيرا شخصيا للبنا، وهذا مكنه من الاحتكاك بآل بيته ووقوع الابنة وفاء في حبه، وهو الشاب الوسيم والطموح.
فتحت تلك المصاهرة أبواب السماء وخزائن الأرض أمام سعيد، الذي كان طبيعياً أن يصبح مع الوقت من قيادات الإخوان المسلمين. وهنا اختار أن يكون أحد أوائل الإخوان في أوروبا، حيث اختار السكن في جنيف، سويسرا، والانطلاق منها الى أوروبا، فأسس في ألمانيا «الجمعية الإسلامية في ميونخ»، التي ترأسها من 1958 إلى 1968. كما شارك تالياً في تأسيس «رابطة العالم الإسلامي»، التي يرأسها القرضاوي، حالياً!
ذكر المؤرخ والكاتب البريطاني الشهير، ستيفن دوريل، في كتابه الوثائقي «إم آي سكس: 50 عاماً في العمليات الخاصة،mi6 fifty years of special operations»، تفاصيل دقيقة عن عمالة سعيد رمضان لأجهزة المخابرات العالمية، حيث ذكر أنه بعد تفجر الصراع بين محمد نجيب وعبدالناصر عام 1954، وانتصار ناصر، وما أعقبه من نجاح الأخير في إجلاء البريطانيين عن مصر، بدأت المخابرات البريطانية التفكير في تدبير انقلاب للإطاحة بنظام حكمه، وقد وجدت ضالتها في جماعة الإخوان المسلمين كأفضل قوة لتنفيذ هذا المخطط. وهنا يظهر اسم سعيد رمضان، الذي كان قد انضم للإخوان المسلمين عام 1940، والذي أصبح (كما يقول الكاتب)تاليا عميلا للمخابرات البريطانية والأميركية والسويسرية. ومن جنيف انطلقت الحركة المضادة. كما كان هناك تنسيق مع عدد آخر من جماعة الإخوان، ممن لجأوا الى السعودية لتنظيم انقلاب ضد نظام الحكم في مصر، وقد علم عبدالناصر ببعض ما يفعله سعيد رمضان ــ كما يقول الكتاب ــ فقام بسحب الجنسية المصرية منه. كما كانت المخابرات السويسرية، بعد أن انتقل سعيد للسكن في سويسرا، على علم بعمالته للمخابرات الغربية، وأن نشاطه موجه بالتنسيق معهما ضد نظام الناصر، ولهذا، كما يقول الكتاب مستندا للأرشيف السويسري، فإن أجهزة مخابراتهم تركته يعمل على أساس أن جماعته لا تعكس اتجاهات معادية للغرب، بل تحارب ضد نظام عبدالناصر المعادي للغرب!
ويقول الكاتب ان سعيد قام بالتنسيق مع حسن الهضيبي، مرشد جماعة الإخوان المسلمين الجديد، من خلال تريفور إيفانز، المستشار الشرقي في السفارة البريطانية، للتخطيط لعملية اغتيال جمال عبدالناصر في 26 تشرين الأول – أكتوبر 1954، أثناء قيام عبدالناصر بإلقاء خطاب في ميدان المنشية بمدينة الإسكندرية احتفالاً بتوقيع اتفاقية الجلاء، حيث أطلق محمود عبداللطيف، أحد أعضاء الجماعة، عدة رصاصات عليه لم تصبه، وترتب على فشلها، كما يقول ستيفن دوريل، وقوع الصدام الأول بين ناصر والإخوان.
ويخوض الكاتب دوريل في تفاصيل كثيرة في كتابه المثير، ونتيجته أن سعيد رمضان لم يكن شخصاً عادياً، بعد انتقاله للعيش في أوروبا، بل أصبح صلة وصل الإخوان مع أجهزة المخابرات الغربية، كما أصبح مع يوسف ندا، صاحب بنك التقوى، والذراع المالية الصلبة للإخوان، يشكلان قوة التنظيم المالية العالمية.
وهكذا نرى أن تساؤلنا في مقالنا السابق كان ضرورياً للوصول لمعرفة بعض من سيرة والد الداعية طارق رمضان، وهنا يبطل العجب!
أحمد الصراف