ألا يستحي هؤلاء؟!

ينص القانون الكويتي على أن جرائم تزوير المستندات والأوراق الرسمية تبقى مستمرة ولا تسقط بالتقادم، إلا من اليوم التالي لتاريخ الكف عن التمسك بذلك المستند، أو بالتنازل عنه!
ولهذا رأينا، فور انفجار بالون الشهادات المزوّرة والوهمية أو التي لم يقم حملتها باعتمادها لشكهم في مصداقية الجامعات التي أصدرتها، قيام كبار مدعي حملة هذه الشهادات بشطبها من سيرهم الذاتية، وإزالة حرف الدال من صفحاتهم على الفيسبوك والتويتر والواتس أب وغيرها، في محاولة للاستفادة ربما من نص بدء التقادم من تاريخ الكف عن التمسك بالمستند المزور، وهذا تحايل مفضوح على القانون، وكان من الممكن التغاضي عن هذا الفعل لو كان مرتكبه من العامة أو الجهلة الرعاع، ولكن أن يكونوا من كبار الدعاة الذين طالما أتعبونا بفارغ عظاتهم من على كل مختلف المنابر والذين فتحت لهم الحكومة أبواب المدارس وأعطتهم المسارح والمولات ليخطبوا فيها، هذا غير إمامة الصلوات في أكبر المساجد وإلقاء خطب الجمعة والأعياد فيها، والتأثير حتى على آراء الناخبين السذج، ومن هؤلاء الذي أزالوا حرف الدال الداعية «م.ع» والداعية «ن.م»، علماً بأن الأخير انفضح أمر خراب شهادته منذ أكثر من سنة، ولكنه استمر في استخدام اللقب، ولم يرفعه عن اسمه إلا مؤخراً.
كما أصدر وزير العدل، بصفته رئيس «بيت الزكاة»، قراراً وزارياً قبل أيام نصّ صراحة على حذف لقب دكتور من اسم «ع.ر»، أحد المسؤولين في الهيئة الشرعية في البيت. وبسبب ما صاحب ذلك من لغط أصدر المدير العام لـ«بيت الزكاة» توضيحاً، رداً على ما أثير في وسائل التواصل، بالقول إن العضو الذي «تنازل» عن لقب دكتور ليس «موظفاً» في البيت، ولا يتقاضى أي مبالغ مقابل لقب دكتور، وهذا بالطبع عذر أقبح من ذنب!
فهل يحق لي مثلاً أن أضع أمام اسمي صفة «استشاري جراحة المخ» طالما أنني لا أتسلم مالاً من أي طرف، ولست موظفاً في الصحة؟
وهل يريد السيد المدير أن يقنعنا بأن شهادة الدكتوراه «غير المعتمدة» لم يكن لها دور في اختيار الرجل لهذا المنصب في الهيئة الشرعية في البيت؟ وألا يعتقد أن باعترافه بأن شهادة المذكور غير المعتمدة تعني أنه والمعني بالأمر أهملوا في التحقق من صحتها عند تعيين ذلك الشخص في منصبه؟ وما الذي منعه أو منع البيت للسعي لمعادلة شهادته منذ ثلاث سنوات إن كانت بالفعل صحيحة؟ ولماذا لم يعط فرصة لمعادلتها قبل صدور قرار من الوزير بسحب اللقب منه، لو كان هناك أدنى شك في أنها تساوي شيئاً ما؟
أما صاحبنا الداعية، صاحب اللحية المميزة، فقد خرج هو أيضاً في فيديو انتشر سريعاً قائلاً إن شهادة الدكتوراه الخاصة به غير مزورة، بل غير معادلة، وإنه حصل عليها من جامعة في أميركا، ورفض بالطبع ذكر اسمها، كما رفع كتاباً بيده في الفيديو رفض أن يبين عنوانه وقال إنه نال الدكتوراه بموجبه، وبالبحث تبين أن عنوان الكتاب هو «بهجة الأنظار بشرح جوامع الأخبار»، وهذه أول مرة يعرف فيها العالم أن هناك جامعات في الولايات المتحدة تمنح دكتوراه باللغة العربية في مثل هذه المواضيع؟
ألا يستحي هؤلاء؟
وكيف يمكن قبول الاكتفاء بإصدار قرار تغيير لقب مسؤول أو رئيس في هيئة شرعية من دون عقاب أو مطالبة برد ما تسلم من مبالغ؟
ولو كان «المتهم» رجلاً لا صفة دينية له، فهل كان سيلقى المعاملة المميزة نفسها؟


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top