فاقدة العقل والمعتقد
تعتبر شركة بيبسيكو (سابقا، بيبسي كولا) واحدة من اكبر شركات المرطبات والأغذية في العالم، وتتوافر منتجاتها في 200 دولة، عبر مئات آلاف المدن والقرى ومجاهل أفريقيا وحتى القمم المتجمّدة، مرورا بالصحاري الحارة.
تزيد قيمة علامة البيبسي التجارية على 11 مليار دولار، وتبلغ قيمتها السوقية 175 مليار دولار، أما مبيعاتها فقد تجاوزت مؤخرا 65 مليار دولار، ويعمل بها اكثر من 265 ألف موظف وعامل، ويتناول مليار إنسان يوميا منتجات هذه الشركة.
بدأ إنتاج البيبسي عام 1893واشتق الاسم من مادة البيبسين المهضمة، التي طورها سي. برادهام c. bradham لتصبح شرابا بهذا المذاق الخاص، وأصبحت الشركة مع الوقت تمتلك أكثر من 500 علامة تجارية مسجلة.
البداية قبل 125 عاما كانت تحت اسم مختلف قبل ان يصبح الاسم بيبسي كولا ويتحوّل عام 1961 إلى «بيبسي» فقط. ونجح برادهام في نقل بيع المشروب من صيدليته الصغيرة إلى مخزن أكبر ومستقل وتزايدت مبيعاته سنة وراء أخرى، وأصبحت ما هي عليه الآن بفضل قيادات فذة إدارة الشركة خلال حربين عالميتين وسنوات كساد عظمى.
وفي عام 1994 التحقت سيدة مهاجرة من الهند مع زوجها تدعى أندرا نويي indra nooyi بهذه الشركة العالمية العملاقة، ووصلت خلال اثني عشر عاما الى منصب المدير المالي للشركة، لتصبح بعدها المدير التنفيذي ceo واستطاعت خلال عدد مماثل من السنوات أن تصل بالشركة الى آفاق نجاح عالية، حيث ارتفع سهم الشركة في عهدها بنسبة %78، وزادت إيراداتها السنوية بنسبة %80، بعد ان نجحت في إضافة مجموعة من المنتجات المليارية لأنشطة الشركة، وتخلّصت من الأغذية التي لا قيمة غذائية لها، وتقاعدت قبل أيام عن إدارة الشركة بصفة مباشرة، بعد ان بلغت قيمتها السوقية 175 مليار دولار، ولتستمر فيها رئيسا لمجلس الإدارة حتى نهاية عام 2019.
قصة نجاح هذه السيدة التي تركت مسقط رأسها، (مدراس الهندية)، قبل أكثر من ربع قرن بقليل لتذهب الى نيويورك الأميركية لا تزال تلهم عشرات آلاف الهنود الذين يتركون وطنهم كل عام ويهاجرون للعالم الجديد، وما حققته دليل على حقيقة «الحلم الأميركي»، وكيف أن بإمكان أبسط الناس، متى ما امتلكوا الإرادة، أن يصلوا الى أرفع المناصب، فقد بقيت أندرا نويي على قمة هرم بيبسي لأكثر من 12 عاما، وهناك قصص نجاح «هندية» أخرى، ولكن قصتها كانت دائما ذات نكهة مختلفة بسبب الظروف الغريبة التي مرت بها في حياتها، والتي كان عليها مواجهتها والانتصار عليها كامرأة.
لم تأت نوني من خلفية ارستقراطية، ولم تدعمها أحزاب سياسية، ولم تكن ابنة قبيلة معروفة أو عائلة ثرية، بل إنسانة طموحة وذكية وذات عقلية نظيفة، ولو كانت كويتية لكانت اليوم تدير مستوصفا في الدسمة او خيطان، خاصة انها فاقدة عقل وعقيدة.
وهذا هو الفرق الحضاري بين الأمم.
أحمد الصراف