أين عدلك.. يا وزير العدل؟!
ليس هناك ما هو أهم وأثمن من الحرية، لكن الحرية لا تعني الكثير بغير عدالة تسندها وتحميها، وتحدد أطرها، والدولة التي لا عدالة فيها هي أقرب للغابة، مهما توافرت فيها وسائل العيش والراحة والثراء.
والعدل لا يكتمل إن لم يأت في وقته، فما فائدة الحكم العادل إن أتى بعد موت صاحبه؟! وفي العصر الحديث لا عذر للجهاز المساند للقضاء، وهي وزارة العدل هنا، إن قصّر في توفير البيئة المناسبة التي تسهّل من إجراءات التقاضي، فتصدر الأحكام بسرعة وتنفذ بسرعة أكبر.
ما نراه في الكويت يمثل فشلا واضحا للجهاز المساند للقضاء في عمله على مدى أكثر من نصف قرن، فالأحكام يتأخر صدورها، والقضايا في تزايد، ووضع المباني والمكاتب في ترد، وفقد الملفات مستمر، والتذمر من تأخر الإعلانات القضائية في تصاعد، ويحدث كل ذلك على الرغم من وجود الطاقات والقدرات البشرية في الوزارة، وتوفر المال والخبرة اللازمة لوضع حد لكل هذا التسيب، ولكننا لا نرى شيئا، فكل وزير يأتي إما أنه لا يقوم بفعل شيء، أو يوقف ما بدأه غيره من إصلاحات.
مثلا، ما سبب وجود تسعة من «المحامين العامين» في مبنى قصر العدل؟ ولماذا لا يتم توزيعهم على مختلف المحافظات للتخفيف من زحمة المراجعين، وإراحة القادمين من أماكن بعيدة؟ ولِمَ لا يتم حل مشكلة النقص في مندوبي الإعلانات، بإصدار التشريعات اللازمة؟ ولماذا لا تتم زيادة المحاكم للتعجيل في البت في القضايا ووقف تراكمها لدى الجهاز القضائي؟ ولماذا التلكؤ في إنشاء هيئات صلح لمختلف القضايا في المخافر، أسوة بما حصل مؤخرا في قضايا الصلح في حوادث المرور التي وفرت الكثير من وقت وجهد آلاف المواطنين والمقيمين شهريا؟ ولماذا التأخير في استخدام التطبيقات التقنية الحديثة التي بإمكانها تسهيل صدور الأحكام وإبلاغ أطراف القضايا بنتائج أي حكم أولا بأول، أو بموعد الجلسات؟ ولماذا لا يزال الجهاز القضائي يشكو من نقص أمور صغيرة كمكائن التصوير وورق التسجيل وقلة خبرة السكرتارية المساندة؟ ولماذا في هذا العصر، العالي التقنية، تتأخر طباعة الأحكام، وإن أتت، فغالبا ما تتضمن أخطاء إملائية وطباعية عديدة، هذا غير صعوبة قراءة التحقيقات المكتوبة بخط سيئ غالبا؟
ولماذا لا يتم تفعيل أنظمة تتبع ملفات القضايا، لضمان عدم ضياعها أو التلاعب بمستندات أي قضية؟ من كل ذلك نجد أن أي تأخير في توفير هذه الأمور في ظل توافر المادة والحاجة يعتبر إجحافا بحق جميع المتقاضين، وبحق هذا الشعب.
فقضية مستعجلة كوضع حجر على من فقد الأهلية، مثلا، يجب ألا يستغرق، كما هو الحال الآن، ستة أشهر أو أكثر، فقد تكون لمن «فقد الأهلية» أعمال تجارية واسعة وورش صناعية وآلاف العمال، فمن يدير كل هذه الأعمال إن فقد صاحبها القدرة على إدارتها؟ ألا يستحق الأمر تحركا سريعا من قاضي الأمور المستعجلة، مثلا، لوقف تضرر أصحاب العلاقة مع توقف المعني بالأمر، رجلا كان أو امرأة، عن التصرف في أملاكه ومصالحه؟
المجال ضيق بالفعل لسرد كل ما يواجه المتقاضين في الكويت من مشاكل، وكل تأخير في حل هذه الأمور سيزيد الأوضاع سوءا ويعقد الحل اكثر مستقبلا، فيا وزير العدل نتمنى أن تترك عنك الرسميات وتتفرغ لمصالح المواطنين، فقد زادت الشكاوى وزادت المظالم، ولا أعتقد أنك، أو أي صاحب ضمير، يقبل باستمرار هذا الوضع البائس بالفعل.
أحمد الصراف