الثعلب والأحرف الأولى
استبشر الكثيرون خيراً بتوارد أخبار استدعاء النيابة لعدد ممن حامت حولهم شبهات الانتفاع من صفقات، ما عُرف بعقود الضيافة في وزارة الداخلية. وذكرنا في تغريدة انتشرت بأن كرة ثلج فضيحة ضيافة الداخلية تتدحرج بتسارع واضح، وإن أدين كل من وردت أسماؤهم في وسائل الإعلام، بعد صدور احكام نهائية بحقهم، فستكون هذه القضية الأولى من نوعها، المبشرة بالخير، منذ التحرير وحتى اليوم. فقد مللنا بالفعل من الحرمنة ومن فرار المتهمين، أو تسربهم من بين يدي العدالة بطريقة أو بأخرى.
ندمت تالياً على التغريدة، بعد أن قرأت مقالات وتحقيقات في بعض الصحف، ومنها القبس، عن أن مجريات القضية تضمّنت كامل أسماء بعض المتهمين، وألقابهم العسكرية، والإشارة الى متهمين آخرين بذكر الأحرف الأولى فقط من أسمائهم، حيث شكل ذلك اعتداء واضحا على من وردت أسماؤهم في التحقيقات، قبل إدانتهم بصورة نهاية.
فما الذي ستفعله وسائل الإعلام هذه إن صدر حكم ببراءة بعض أو كل من قامت بإيراد أسمائهم على صدر صفحاتها؟ هل سيكفي تالياً نشر اعتذار الصحيفة مثلا لهؤلاء في نفس المكان؟ وماذا عن الضرر الهائل الذي تسبّبت فيه هذه الصحف وأصحاب المقالات، لسمعة هؤلاء «المتهمين»، وتأثير نشر أسمائهم في أسرهم وأهاليهم ورفاقهم ومصالحهم التجارية؟ ومن الذي سيعوّض عليهم خسارة محبة وثقة الناس بهم؟
المسألة في غاية الحساسية، وما كان يجب على أي وسيلة إعلام نشر اسم أي متهم من دون التيقن حقيقة من تورّطه في الجريمة، وهو الأمر الذي لا يمكن التيقن منه قبل صدور أحكام باتّة ونهائية بحقهم.
قصة نشر أسماء هؤلاء والاعتذار لهم تاليا ذكرتني بنكتة قديمة، تعلّقت بحادثة تلقّي «وجيه متنفّذ» ضربةً من ذيل بعير على وجهه، فأصدر أوامره بقطع او قص ذيل كل بعير، وما ان باشر رجاله بتنفيذ ذلك حتى ارتفع أصوات الجمال وهي تعاني، وكسرت البقية حظائرها وولت هاربة «بأذنابها» إلى الصحراء. وبينما هي تجري لاحظت وجود ثعلب يجري معها، فتوقّفت عن الجري، وسألت الثعلب عن سبب وجوده بينها؛ فقال إنه سمع بأن أوامر صدرت بقطع الأذناب، فقرر ان يهرب بذنبه الطويل والجميل، فضحكت الجمال من «غبائه» وسخرت من سذاجته، وطلبت منه العودة الى جحره، فأمر القطع تعلّق بالجمال وليس بالثعالب، ولكن الثعلب هز كتفيه بغير اكتراث أو اقتناع بكلامها وواصل جريه، وهو يقول: إلى أن يكتشفوا أنني ثعلب، ولست جملاً، أكون قد فقدتُ ذيلي.
ملاحظة: أخبرني السيد عادل المطيري أنه شارك في تأسيس هيئة مكافحة الفساد في بداياتها، وأنه سعى جاهدا وحصل على شهادة ماجستير موضوعها «دور الشفافية الإدارية في الحد من الفساد الإداري في قطاعات الحكومة الكويتية». ولكن الهيئة رفضت توظيفه.. فقام بالعمل في الهيئة العامة للقوى العاملة!
ونحن نتساءل معه: أين مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب؟
أحمد الصراف
ندمت تالياً على التغريدة، بعد أن قرأت مقالات وتحقيقات في بعض الصحف، ومنها القبس، عن أن مجريات القضية تضمّنت كامل أسماء بعض المتهمين، وألقابهم العسكرية، والإشارة الى متهمين آخرين بذكر الأحرف الأولى فقط من أسمائهم، حيث شكل ذلك اعتداء واضحا على من وردت أسماؤهم في التحقيقات، قبل إدانتهم بصورة نهاية.
فما الذي ستفعله وسائل الإعلام هذه إن صدر حكم ببراءة بعض أو كل من قامت بإيراد أسمائهم على صدر صفحاتها؟ هل سيكفي تالياً نشر اعتذار الصحيفة مثلا لهؤلاء في نفس المكان؟ وماذا عن الضرر الهائل الذي تسبّبت فيه هذه الصحف وأصحاب المقالات، لسمعة هؤلاء «المتهمين»، وتأثير نشر أسمائهم في أسرهم وأهاليهم ورفاقهم ومصالحهم التجارية؟ ومن الذي سيعوّض عليهم خسارة محبة وثقة الناس بهم؟
المسألة في غاية الحساسية، وما كان يجب على أي وسيلة إعلام نشر اسم أي متهم من دون التيقن حقيقة من تورّطه في الجريمة، وهو الأمر الذي لا يمكن التيقن منه قبل صدور أحكام باتّة ونهائية بحقهم.
قصة نشر أسماء هؤلاء والاعتذار لهم تاليا ذكرتني بنكتة قديمة، تعلّقت بحادثة تلقّي «وجيه متنفّذ» ضربةً من ذيل بعير على وجهه، فأصدر أوامره بقطع او قص ذيل كل بعير، وما ان باشر رجاله بتنفيذ ذلك حتى ارتفع أصوات الجمال وهي تعاني، وكسرت البقية حظائرها وولت هاربة «بأذنابها» إلى الصحراء. وبينما هي تجري لاحظت وجود ثعلب يجري معها، فتوقّفت عن الجري، وسألت الثعلب عن سبب وجوده بينها؛ فقال إنه سمع بأن أوامر صدرت بقطع الأذناب، فقرر ان يهرب بذنبه الطويل والجميل، فضحكت الجمال من «غبائه» وسخرت من سذاجته، وطلبت منه العودة الى جحره، فأمر القطع تعلّق بالجمال وليس بالثعالب، ولكن الثعلب هز كتفيه بغير اكتراث أو اقتناع بكلامها وواصل جريه، وهو يقول: إلى أن يكتشفوا أنني ثعلب، ولست جملاً، أكون قد فقدتُ ذيلي.
ملاحظة: أخبرني السيد عادل المطيري أنه شارك في تأسيس هيئة مكافحة الفساد في بداياتها، وأنه سعى جاهدا وحصل على شهادة ماجستير موضوعها «دور الشفافية الإدارية في الحد من الفساد الإداري في قطاعات الحكومة الكويتية». ولكن الهيئة رفضت توظيفه.. فقام بالعمل في الهيئة العامة للقوى العاملة!
ونحن نتساءل معه: أين مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب؟
أحمد الصراف