من الجهراء حتى الفحاحيل.. مروراً بالعاصمة
سعدت كثيرا بحضور افتتاح الموسم الثاني الرائع لدار الأوبرا ومشاهدة «الناي السحري» التي تعتبر واحدة من روائع الأوبرا العالمية الخالدة على مر الزمن لعبقري الموسيقى «موتسارت». شارك في تقديم الأوبرا المسرح الأرمني القومي، وأوركسترا أوبرا «يريفان»، وكان العرض جميلا بالفعل، ولم أستطع البقاء طويلاً بسبب إصابتي بسعال مؤذ، لي ولمن كانوا حولي، وكان مؤذيا أكثر ملاحظة خلو أكثر من %60 من الكراسي من الجمهور.
سيكون الموسم الحالي لدار الأوبرا غنيّاً بمعنى الكلمة، فإضافة الى ما سبق سيعزف هيربي هانكوك «الجاز»، وسيتبعه عرض «عودة الثمانينات»، والذي اختتم به الموسم السابق بنجاح كبير. ومن 24 وحتى 27 اكتوبر سيكون هناك عرض مذهل بعنوان the illusionists يصلح للصغار والكبار، يشارك فيه سحرة عالميون. كما سيقدم بعدها عرض «بوليوود» الهندي الراقص. ومن 13 وحتى 16 فبراير 2019 ستقوم فرقة بيكسل بتقديم عرض رقص معاصر بمصاحبة أحدث التقنيات الضوئية. كما سيعاد بعدها عرض ليلة «الأطلال» أو «الكلثوميات». ومن 20 وحتى 24 مارس 2019 سينتقل حي «الوست إند» اللندني لدار الأوبرا من خلال عرض رائعة مايكل جاكسون «ثريلر لايف». ومن بريطانيا أيضا تأتي الأوركسترا الفيلهارمونية الملكية، الأعظم من نوعها، لتعزف ليلتي 11 و13 أبريل 2019.
كما سيتم تخصيص ليال عدة لكلاسيكيات عمار الشريعي التي سيغنّي فيها عبدالله الرويشد وريهام عبدالحكيم. أما «الوهابيات» فستخصص لها ليلة الخميس 18 أكتوبر 2018، وبعدها ليلة لـ «وردة» وأخرى لعبدالحليم، وليلتين لعمر خيرت، وغير ذلك من أعمال جميلة.
موسم ثري وإضافة كبيرة للحركة الثقافية والفنية في الكويت وليس لأحد الشكوى من جفاف الأجواء، بعد ان رحلت، او كادت ترحل، عن سمانا غربان التشدد والغلو.
تبقى نقطة في غاية الأهمية تتعلق بأسعار التذاكر. فالملاحظ حتى الآن أن حضور غالبية العروض هم من الطبقة المقتدرة ماديا، وهذه بإمكانها الحصول على ما تريد أينما شاءت، ولكن الاغلبية الساحقة، وهي الهدف، لا تتمتع بهذا «الترف». فأسعار التذاكر هي بالفعل فوق طاقة الكثيرين، خاصة مع الأسر الصغيرة (3 أفراد فما فوق) التي تود مثلا مشاهدة عرضين او ثلاثة في العام، هنا تصبح مسألة تحمّل التكلفة صعبة للغاية على ميزانية الأسرة.
إن غالبية أسر الكويت، لأسباب كثيرة، هي المستهدفة، وهي التي يجب أن تصل اليها عروض دار الأوبرا أكثر من غيرها. ولا يجب هنا التعلل بأن «أسعار» تذاكرنا أقل من أسعار أوبرا دبي أو ألمانيا أو بوركينافاسو، فأسر هذه الدول لم تتعرّض عقول أجمل ما فيها لكل ذلك التخريب الايديولوجي الذي تعرّضنا له طوال ثلاثين عاما. ولو كنت مسؤولا عن تسويق عروض الدار لما ترددت في توزيع تذاكر الكثير من مناسباتها على طلاب وطالبات مختلف مدارس الكويت، من الجهراء وحتى الفحاحيل، بالقرعة ومجاناً! فاختطاف العقول والقلوب من قوى الظلام نال الكويت بأكملها، من دون استثناء، ويجب بالتالي أن يعاد هؤلاء لكويت المحبة والإنسانية الجميلة.
أحمد الصراف