زنده باد هندوستان
لم تعرف الكويت الهوية الشخصية إلا مع بداية الاستقلال، وإصدار بطاقات الجنسية للمواطنين في بداية الستينات، وإصدار البطاقة المدنية بعدها بعشرين عاما، وكان الوضع قبل صدور الجنسية عائما، حيث كان من حق أي كان حمل أي اسم «تقريبا»، وادعاء أي نسب، من دون ان يكون هناك من يمنعه. كما أتاح صدور الجنسية فرصة للكثير من الأسر لتقوم بتعديل أو تبديل أسمائها، كما تشاء. وحدها أسرة الصباح، وبضع أسر قليلة أخرى لم يحاول أحد التسمي بأسمائها.
عاش الشعب الهندي، الذي يزيد تعداده على المليار بكثير، من دون هوية شخصية، حتى ما قبل فترة قصيرة، عندما أصدرت الحكومة قانونا ألزمت فيه الجميع بحمل الهوية، وشكل ذلك تحدياً هائلاً للجهاز الإداري، فتعداد الهند يزيد على المليار و200 مليون نسمة، يعيش غالبيته في مناطق لم تصلها التكنولوجيا. وكان الصعب تخيل قيام أي فرد بإنهاء آلاف معاملاته الشخصية من دون حمل هوية شخصية، ولكن الأمور كانت تنجز بطريقة او بأخرى، فهذه هي الهند!
تعرض القانون للطعن من البعض، ونظرت المحكمة العليا فيه، وبعد المراجعة أقرته قبل شهر فقط، مع بعض التحفظات المتعلقة بحقوق الفرد الشخصية، علما بأن صدوره سيضمن عدالة أكبر في توزيع الإعانات الحكومية، ويحد من التلاعب، ومن تغيير الهويات، وستتخلص الهند من إعاقة إدارية ضخمة.
ومن المواد التي ألغتها المحكمة العليا عدم ضرورة ربط البطاقة المدنية بالحسابات المصرفية أو بالهاتف المحمول، أو طلبها في المدارس، مع فرض إلزامية حمل البطاقة للاستفادة من تكنولوجيا المعلومات.
كما ألغت المحكمة العليا في نفس الفترة قانوناً يعود للقرن التاسع عشر، يجرم من يدان بالمثلية الجنسية بالسجن عشر سنوات، لتنتهي بذلك معركة طويلة ومثيرة للجدل، ولينتهي مفعول قانون تخلى عنه حتى المستعمر البريطاني، الذي وضعه قبل 160 عاما. وقالت المحكمة إن ممارسة الجنس بالتراضي بين البالغين في مكان خاص مسألة لا يمكن إنكارها، لأنها اختيار فردي. ووصفت بعض الأحزاب الحكم بالتقدمي الحاسم، وأنه يعني أن «الحكومة لا تملك أي مساحة في غرف النوم»، لأن هذا «عمل خاص بين البالغين الراشدين».
وفي حكم آخر يعود للحقبة الاستعمارية أيضا، ألغت المحكمة العليا قانونا يعود الى ما قبل 158 عاماً كان يعامل الزنى في بعض الحالات على أنه جريمة جنائية، يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات. ووصفت المحكمة القانون القديم، الذي لم يكن يسمح للزوجات بمقاضاة الأزواج على خياناتهم بأنه غير دستوري. كما رسخت المحكمة حقيقة أن «الزوج ليس سيد المرأة». وورد في الحكم أن الزنى لا يزال يشكل سبباً للطلاق في الهند، لكن العقوبة الجنائية انتهكت حماية المرأة للمساواة في الحقوق بموجب القانون مع الرجل.
وقال ناشطون إن القانون القديم، الذي كان لا يمنح المرأة الحق في مقاضاة زوجها الزاني، غير إنساني ولا دستوري. ووصفت «منظمة العفو الدولية» الحكم بأنه تقدمي، وأشارت إلى أن القانون القديم كان يعتبر المرأة ملكاً لزوجها.
كما سمح القانون، الذي تم إلغاؤه، للرجال بتوجيه اتهامات ضد رجال آخرين لهم علاقات مع زوجاتهم. وحد القانون من الحق السابق للزوج باتهام زوجته بالزنى في حال رغبته في تطليقها، وتجنب تحمل تبعات الطلاق ونفقاته المالية.
وأضاف نشطاء أن التاريخ مدين بالاعتذار للشعب الهندي، بسبب التأخير في إلغاء القانون القديم المجحف بحق ملايين النساء.
أحمد الصراف