ماذا يقول عصيد؟
يعتقد المفكر المغربي أحمد عصيد بأن من المشاكل المستعصية التي تورط فيها المسلمون تركيزهم الشديد، في مرحلة من التاريخ، على المعارف الشرعية وإغلاق الباب تماما أمام العلوم الغربية، والسبب في ذلك أنهم توصلوا إلى قناعة بأن العقل لا يمكن التعويل عليه، ويجب بالتالي أن يكون العقل تابعا للنص، المطلق في قداسته. فالعقل محدود بحدود الشرع ومهمته تكمن فقط في معرفة وتطبيق النصوص الدينية، وهذا جعل دور العقل في الفكر الإسلامي محدود القيمة ومحدود الجهد لأنه لم يستطع المغامرة بالبحث عن المعرفة خارج الإطار الديني، وهكذا تخلف المسلمون على المستوى المعرفي والعلمي والعقلي، وكان ابن رشد آخر من طالب المسلمين بتدارك خطئهم، وكان ذلك قبل 800 عام، قائلا إن النص الديني يدعو إلى إعمال العقل بالمعنى البرهاني وإلى استعمال العلوم العقلية. لكن اعمال ابن رشد تم اتلافها وحرقها، وتم تجاهل مواقفه وآرائه، واستمرت الحال كذلك حتى القرن العشرين عندما عرفنا، أو اكتشفنا قيمة ابن رشد وأقواله، ومع هذا أصررنا على البقاء على وضعنا، على الرغم من وضوح المنطق الرشدي، ولا يزال المسلمون يرفضون مناقشة سبب تخلفهم.
ويعتقد أحمد عصيد أن من مظاهر الأزمة الحضارية التي يعيشها المسلمون، أنه كلما واجهوا مشكلة علمية عصرية، أو عقبة فكرية يصعب تجاوزها، أو عجزوا عن القفر عنها، قاموا بالانكفاء نحو الماضي يستنجدون بنصوصه، ويبحثون في تاريخه عن حلول لأزماتهم. فالثورات العلمية الباهرة فشلت جميعها في أن توقظ لدى المسلمين الرغبة التي عبر عنها ابن رشد، والمتمثلة في إعمال النظر العقلي في الموجودات من أجل الوصول إلى حقائق طبيعية وكونية، إلا أنهم اختاروا الانكفاء بحثا عن بديل يقابل ما اكتشفه الغربيون، وهذا تعبير عن ازمة الفشل الحضاري.
ومن يمارسون هذه اللعبة ينتصرون للدين أكثر مما ينتصرون للعلم، لأن هناك تيارا سياسيا دينيا، كتيار الإخوان المسلمين، يشتغل بأيديولوجية دينية هدفها إعادة الاعتبار الى الدين، ليس من أجل الدين نفسه، بل من أجل مصالحهم ومخططاتهم، بعد أن شعروا بأن الدولة الحديثة ومحدثات العصر ستتجاوزهم، وإن القطار سيفوتهم، وبالتالي يحاولون اللحاق به عن طريق الدعاية للدين، وهذه الدعاية ليست عملا علميا، كالبحث في إعجاز القرآن، وغير ذلك من مواضيع، ولهذا نجد أن النسبة المخصصة في دولنا للبحوث العلمية المختبرية ضئيلة جدا، وهذا دليل على أننا لسنا في وارد اللحاق بالعصر، وقافلة الحضارة يزيد ابتعادنا عنها كل يوم.
ويضيف عصيد بأنه لا يوجد نص ديني يمكن أن يغير نصا علميا. كما ان تحميله أكثر مما يحتمل ما هو إلا دلالة على فقرنا الثقافي والعلمي، ونوع من الانحباس الحضاري الذي لا نستطيع الخروج منه، وليس في هذا إساءة الى القرآن على الإطلاق، فهو مرجع لسلوك المؤمنين، أما في المجال العلمي فإن الموضوع مختلف تماما.
***
النائب المعني بتقديم اقتراح إعطاء المرأة الحق في السماح بإجراء العمليات لأقاربها هو النائب يوسف الفضالة، وليس البابطين.. فمعذرة.