«أيقونتا» الإخوان
بخلاف ما للمرشد الأعلى للإخوان من مكانة تقارب الألوهية في قلوب أتباعه، فإن لهؤلاء أيقونتَين سياسيتَين عالميتَين يعتبرونهما المثل الأعلى لهم، هما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس وزراء ماليزيا القديم الجديد مهاتير محمد. فنجاح تركيا وماليزيا اقتصادياً وسياسياً كان دائماً مضرب المثل في إمكان نجاح قياديين إسلاميين متديّنين تقليديين في إدارة دول ناجحة سياسياً وصناعياً واقتصادياً.
ما لم يدركه هؤلاء السذج، أو لا يودون إدراكه، أن الأول يحكم جمهورية أتاتورك العلمانية. ويدين بنجاحه لما جنته تركيا من علمانيتها، ولو لم تكن كذلك لما بلغ عدد زائريها، عمود اقتصادها، أربعين مليون زائر. ولو قارنا وضعها بإيران مثلاً، التي تفوقها قوة بشرية وثراءً متنوعاً، نجدها أكثر نجاحاً منها في الموازين الدولية وفي الاقتصاد والصناعة وفي عدد زائريها، والسبب يعود إلى نظام إيران الديني المتشدّد، الذي لا يمكن لأحد التحرُّك من خلاله بغير إرادة المرشد الأعلى، الذي لا يسمح لأحد بالوصول إلى الحكم بخلاف رغبته.
ولو نظرنا إلى القوة الإسلامية الثانية، ماليزيا، والأكثر تقدماً في جنوب شرقي آسيا صناعياً ومالياً، والأكثر استقراراً سياسياً، لوجدنا أن نظامها الديموقراطي العلماني يقف خلف كل نجاحاتها.
وفي كلمة أخيرة لرئيسها المبدع مهاتير محمد بعد عودته القسرية من التقاعد، وهو في الثانية والتسعين من العمر، ليصلح ما أفسده رئيس الوزراء الذي سبقه، قال: «لا بد من توجيه الطاقات نحو الملفّات الحقيقية؛ كالفقر والبطالة والجوع والجهل، والمرض، وإن الانشغال بالايديولوجيا الدينية، ومحاولة الهيمنة على المجتمعات، وفرض أجندات ووصايا ثقافية وفكرية عليها لن تؤدي إلا إلى المزيد من الاحتقان والتنازع. ويكفي المسلمين ما صرفوه من أوقات وجهود كبيرة في صراعات بين الشيعة والسنة وفي غيرها». وقال: «إن ماليزيا كانت يوماً ضحية هذه الصراعات، التي كادت تدمرها، فكان لزاماً علينا الدخول في حوار مفتوح مع كل المكونات الوطنية للوطن، من دون استثناء، والاتفاق على قيام كل طرف بتقديم تنازلات متبادلة، لكي نتمكن من توطين الاستقرار واستمرار التنمية، وبالتالي نجحنا في تحويل ماليزيا لدولة صناعية كبيرة قادرة على المنافسة، وكل ذلك بفضل تعايش مكوّناتنا الدينية والعرقية».. (انتهى الاقتباس).
وهذا يعني حرفياً أن تطبيق العلمانية في ماليزيا وتركيا أنقذ الدولتين من مصير مظلم.
والآن، ما رأي إخوان الإخوان في كلام الأخوين رجب ومهاتير؟
أحمد الصراف