لنكن أكثر محبة.. لأنفسنا وللآخرين
لست مثالياً في شيء، فلي عيوبي ونواقصي ونقاط ضعفي، فأنا إنسان أولاً وأخيراً. ولكن، هل من السهل أن نكون إنسانيين؟ لا أعتقد ذلك، خاصة وأنا أرى كيف فقد الكثيرون إنسانيتهم في عالمنا اليوم، بعد أن أعمتهم عصبياتهم الدينية والمذهبية والقبلية والعنصرية وأخذتهم بعيدا عن التسامح والتعايش، وبعيدا عن المحبة والسلام.
قرأت النص التالي بلغة غير عربية، وشيء ما بداخلي تأثر وشعرت بأنه غيّرني للأفضل.. يقول النص، بتصرّف كبير:
لماذا يرتفع صوتنا عندما ندخل في جدال مع الآخرين؟ لماذا ترتفع أصواتنا اكثر مع اقتراب رؤوسنا من بعضها؟ ربما لأننا عندما نغضب من بعضنا تتباعد عواطفنا وقلوبنا عن بعضها، فنحتاج إلى ردم هوة المسافة بين القلبين، لرفع أصواتنا ليسمعنا الطرف الآخر، مع أنه غير بعيد عنا جسديا بأكثر من سنتيمترات قليلة.
ولكن عندما نحب ونعشق، وتتلاقى أعيننا تنخفض أصواتنا وتتقارب رؤوسنا وتصبح اللغة همساً، لأن قلوبنا أصبحت قريبة بعضها من بعض، وأي ارتفاع في وتيرة الصوت ستخدش اللحظة وتؤذي السمع، وتسيء للقاء.
وورد على لسان شخص آخر أنه كان يقود مركبته خلف أخرى تسير ببطء شديد، وصعب عليه بالتالي تجاوزها بسهولة على الرغم من محاولاته المتكررة وسعيه لدفع سائقها بشتى الطرق لأن يفسح له الطريق، ولكن بلا جدوى. ويقول انه كاد بالفعل يفقد أعصابه، عندما انتبه فجأة لملصق خلف السيارة يقول: يرجى التحلّي بالصبر فأنا معاق!
يقول إنه شعر حينها بالخجل من نفسه وهدأت أعصابه تماما، وقبل فكرة الوصول الى عمله متأخّرا بضع دقائق، فلن يتسبّب ذلك في نهاية العالم. وقال إن شعورا فيّاضاً بالراحة والإحساس بالمسؤولية انتابه، وسأل نفسه: هل كان سيكون بكل ذلك الهدوء والشعور بالإنسانية لو لم يلحظ الملصق على المركبة؟ ولماذا يجب أن نقرأ ملصقا لنكون أكثر صبرا وإنسانية مع الآخرين؟ فهل نحتاج مثلا من زملائنا في العمل أو من نلتقيهم في أي مكان عام أن يضعوا على جباههم ملصقا يقول مثلا: لقد فقدت وظيفتي للتو.. أو.. تم تشخيص حالتي، أنا مصاب بالسرطان.. أو أنا أمرّ بمرحلة طلاق صعبة.. أو أشكو من صعوبات عاطفية.. أو أشعر بعدم أهميتي.. أو فقدت حبيبا في حادث مؤسف.. أنا مفلس.. وغير ذلك من ملصقات؟
لا شك في أن الغالبية يواجهون في حياتهم اليومية صعوبات ومعارك ومشاكل محددة متنوعة، وهؤلاء جميعا لا يطلبون منا غير أن نكون أكثر تفهما وصبرا ولطفا معهم.
دعونا الآن نتخيّل أن هناك ملصقاً على جبهة كل من لا يعجبنا تصرّفه، وأن نتخيّل قراءة نصه، حينها سنصبح جميعا، وبصورة تلقائية، أكثر صبرا وإنسانية معهم.. وهذا سيكون حتماً أفضل لنا ولهم.
* * *
ننتهز حلول الأعياد المجيدة ونتقدّم لكل الاخوة والأخوات المسيحيين بخالص التهنئة بميلاد سعيد.. و«ماري كريسماس».
أحمد الصراف