سطل الأمانة
يعتبر المهندس محمد بوشهري، وكيل الكهرباء، واحداً من أنشط الوكلاء، في دولة معظم مؤسساتها غارقة حتى أذنيها في بحر من الوكلاء غير الأكفاء وجيش من الوكلاء المساعدين، الذين خلقت الوظائف للكثير منهم لإرضاء من سعى لتعيينهم، وربما تكون الكويت الأعلى في العالم في عدد الوكلاء المساعدين.
* * *
يقال إن المجلس الأعلى للتخطيط يضع السياسات العليا للدولة، وهذا صحيح، ولكن غالبية الخطط والسياسات توضع خارجه. نقول ذلك بمناسبة ما انشغلنا أو أشغلونا به قبل أيام عن قرار الأمانة العامة لمجلس التخطيط توزيع عدد من السطول البلاستيكية على عدد من البيوت في منطقة الزهراء، في سعي من الأمانة للترويج للاستعانة بالسطل في عمليات غسل البيت والسيارات، بدلا من استخدام خراطيم الماء البلاستيكية، خاصة أن الصيف آتٍ، والاستهلاك سيبلغ ذروته قريبا. الفكرة سخيفة، ومن روّج وطبّل لها أكثر سخافة، فالمسألة لا تتعلّق باستخدام سطل أو خرطوم ماء (أو هوز) بل بثقافة مجتمع تم تخريبه وتعويده على عدم الاهتمام بفضيلة الاستهلاك. فالدولة توفّر الماء للجميع بأرخص الأسعار، ولا تكترث بمحاسبة أحد على الهدر، وتردد أو عجز أو عدم رغبة هيئة البيئة في تطبيق القوانين والغرامات المالية والقانونية على المقيم أو المواطن، إن أسرف في الاستهلاك. فبقليل من الحزم تستطيع الحكومة بسهولة، إن شاءت، أن تخفّض من استهلاك الماء والكهرباء بنسبة قد تصل إلى %20.. هذا، إن اشتهت! فهناك مقترحات لا عد لها يمكن من خلالها الوصول لهذه النسبة وتوفير مليار دولار سنويا من تكاليف الماء فقط، والتي تكلّف المال العام حاليا مبلغا يزيد على خمسة مليارات دولار. ويأتي مقترح تطبيق الضريبة التصاعدية على استهلاك المياه على رأس مقترحات تقليل الاستهلاك، فليس هناك شيء أكثر فعالية من ضرب المواطن والمقيم على أكثر الأماكن التي تؤلمه، وهي محفظة نقوده.. فنحن في جزء منا ننتمي الى شعوب تخاف.. ولكن لا تستحي! كما بإمكان هيئة البيئة، ذات الصلاحيات الواسعة، إرسال مراقبيها الى المناطق السكنية وفرض غرامة «الخمسمئة دينار» المقررة على أي متجاوز في الاستهلاك وسيتعظ الجميع خلال ايام، بعد انتشار خبر الغرامة القاسية، وسيصبح الغالبية مثاليين في استهلاكهم لأكثر العناصر أهمية في حياة البشر. ولا ننسى هنا عجز المناهج الدراسية وثقافة المجتمع في الدفع نحو المحافظة على الموارد الطبيعية الشحيحة. فكثير من روّاد المساجد مثلا لا يتردّدون في التبرّع بمبالغ كبيرة للأعمال الخيرية، ابتغاء كسب الأجر، ولكن ربما لا أحد منهم فكّر في شراء أطقم حنفيات حديثة للمسجد الذي يصلّي فيه، تعمل بالاستشعار وتوفّر 80 في المئة من استهلاك المياه، ربما لأن هذا النوع من التبرّع لا أجر من ورائه!!
أحمد الصراف