طرق النصب والاحتيال الجديدة !
تشتكي د. سميرة من مشكلة غريبة تتمثل فيما أصبحت تشعر به من ضعف متصاعد في قدرتها على مقاومة إغراءات الفساد والنصب والاحتيال، فقد عاشت دائما صادقة مع نفسها وأمينة على مبادئها، ولكن لكل شيء حدود. تقول سميرة إن حكومتها أرسلتها قبل سنوات لدراسة الطب في اميركا، وهناك التقت بشريك حياتها، الذي أصبح تاليا والد أبنائها، فقررت البقاء معه. ولكن عندما انهت دراساتها العليا، فوجئت بأن حكومتها تطالبها بدفع مبلغ كبير، هو تكلفة الصرف عليها وعلى دراستها، وذلك لأنها أخلّت بشروط ابتعاثها، ولم تعد لتعمل في جهة حكومية لفترة زمنية، وتقول إنها تدفع قسطا شهريا لسداد دينها، ويستقطع المبلغ من راتب زوجها، الذي بالكاد يكفي أسرة من اربعة اشخاص، حيث إنها اختارت عدم العمل والتفرغ لتربية ابنيهما. وتقول إن كل من استمع لحكايتها ضحك من «سذاجتها» وإصرارها على دفع دينها لحكومة غنية، كالكويت، وأن من يدفع غبي، وألا أحد بحاجة لألف دينارها، وهناك مئات الملايين التي تضيع شهريا على التافه من الأمور، وفي صورة مساعدات لدول لا أحد يعرف أين تقع، وأن كل من نصحها بعدم الدفع، وغالبيتهم من المصلين والصائمين من ابناء وطنها، جاء بنصيحة تختلف عن غيره في كيفية التخلص من القرض الذي ترتب عليها، ومنها:
أولا: الكتابة لوزير التربية شخصيا وشرح ظروفها، وغالبا ما سيعفيها من القرض، خاصة إذا حمل الكتاب أحد النواب، وهناك حالات استثناء معروفة.
ثانيا: العودة الى الكويت والعمل كمساعدة «طبية» لأحد النواب، وهذا سيعفيها من العمل الحكومي، وتستطيع العودة الى أسرتها، بعد شهر بالكثير، فور الانتهاء من إجراءات التوظيف. أو تقديم كتاب لوكيل التربية بإسقاط نصف القرض وتقسيط الباقي على فترة أطول، وهناك أيضا استثناءات مماثلة معروفة، والتوقف بعد فترة بحجة عدم القدرة. أو العودة ومحاولة معرفة «مفاتيح» المسؤولين، فقد اصبح لكل معاملة ثمن معروف، ولكل وزارة «مفتاحها»، وغالبا ما يكون الفراش البنغالي في مكتب السيد الوزير او الوكيل هو الذي يعرف أكثر من غيره في هذا المجال. أو العودة الى الكويت ومحاولة العمل في القطاع الذي يعجبها، سواء في صيدلية او مستشفى أو مختبر أو مستوصف، فكثير من المؤسسات تبحث عمن يحمل مؤهلاتها، لتوظيفها مقابل مبلغ رمزي لتغطية النسبة المطلوبة من العمالة الوطنية، وأن ما سيدفع لها من دعم حكومي سيكفي ويزيد على قرضها الشهري!
وتستطرد الدكتورة في القول إن النصائح كانت أكثر من أن تحصى، ولكنها لا تستطيع اتباع اي منها، فالتزامها الأخلاقي، الأكثر شمولا من التزامها الديني، يمنعها من ذلك. وتقول إنها عرضت خدماتها على قنصلية وسفارة الكويت، حيث هي، من دون مقابل، إلا أنهم اعتذروا بحجة وجود غيرها، من غير الكويتيين، ممن يعملون لديهم. وتستمر سميرة في شكواها قائلة إنها فوجئت بعمق خراب «النفوس» بين بعض ابناء وطنها، وهو شيء لم يكن معروفا حتى قبل عشر سنوات أو اقل، وأنها تشك في أنها ستكون سعيدة لو عادت إلى وطن لا يسير فيه شيء بغير واسطة أو عمل فاسد! وهنا تسألني: ما العمل؟ فقلت لها إن عليها أن تبقى في «وطنها» الجديد، وألا تعود، وتستمر في دفع ما عليها لكي يطمئن ضميرها، فالكويت ليست لها الآن ولا لأمثالها! ولا ادري ان كنت محقا في نصيحتي أو أنني ظلمتها؟