الخدعة الكبرى !
توجد في الخليج أنظمة هشة وبقاؤها كما هي ليس في مصلحة المنطقة واستقرار العالم بشكل عام. والحقيقة الأخرى أنه على الرغم مما يحدث في دول مجلس التعاون من مخالفات وفساد مالي وإداري، فإن هذه الأنظمة تبقى، وإلى حد كبير، الأفضل لشعوبها، مقارنة بأنظمة بقية الدول العربية، وليس هناك ضمان بأن أوضاعها ستصبح أفضل، حتى بدرجة ضئيلة، لو استولت قوى أخرى على مقاليد الحكم فيها!
ما ورد في الصفحة الأولى من القبس يوم الجمعة من اعتراف نحو 60 إماراتيا معتقلا في أبوظبي بانتمائهم لتنظيم «سري» كان يهدف للاستيلاء على الحكم في دولة الإمارات بالقوة أمر مثير للهلع، وحتى للحزن الشديد! خصوصا عندما نعلم أن هؤلاء ينتمون لجمعية «الإصلاح» المرتبطة بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وأن لديهم أموالا واستثمارات وهياكل تنظيمية وفروعا وتراتبية ومنهجية عمل، وفروعا منتشرة في الإمارات السبع! وأنها، فوق هذا، تتلقى دعما ماديا ومعنويا من تنظيم مماثل في دولة خليجية، وقد تكون الكويت، خصوصا أن رسالة إنترنت تم تداولها بشكل واسع تحمل أسماء جهات وأفراد من الكويت، متورطين بإرسال أموال للتنظيم الإماراتي ومن بين هذه الجهات أفراد وشركات ومؤسسات دينية وشبه حكومية!
نحن لا نود هنا توجيه الاتهام لأحد طالما أن المسألة لم يحسمها القضاء، ولكن التعتيم الذي يلقاه خبر القبض على هذا التنظيم في وسائل الإعلام الخليجية، والكويتية بالذات، يبين بوضوح مدى نفوذ «تنظيم الإخوان» في الخليج وقدرتهم على التأثير في الصحافة وغيرها، على الرغم من خطورة الخبر الذي يرقى لمستوى الكارثة، خصوصا عندما نعلم أن نشاط الإخوان في الإمارات لا يتعدى عمره الثلاثين سنة بكثير، مقارنة بأكثر من ضعف ذلك في الكويت، وهذا يعني أن تجذرهم وتغلغلهم في مؤسسات الدولة هنا وقدراتهم التنظيمية والمالية أكبر بكثير من هناك، وهم بالتالي مؤهلون أكثر من غيرهم للسيطرة، متى تهيأت لهم الظروف المحلية والدولية!
لقد سبق أن حذرنا عشرات المرات من خطر الحركات الدينية المسيسة، وسنستمر في التحذير من خطورة تحركاتها وطموحاتها للوصول للحكم، خصوصا عندما نعلم أنها تدين بولائها لمرشد الأخوان في مصر وليس لقياداتها السياسية الشرعية، أو حتى «الروحية» المحلية! إن الحكومة مطالبة باجتثاث هذه التنظيمات، أو على الأقل الحد من أنشطتها وقدرتها على جمع الأموال، أو تعيين المنتمين لها في الوظائف الحساسة، فقد وصلوا للحكم في أكثر من دولة عربية وهم لن يرضوا بالوقوف عند حد معين، فكيدهم عظيم، وخداعهم أعظم.