المصريون في الكويت
أظهر تقرير صادر عن جهاز الإحصاء في مصر، أشارت الزميلة «الراي» اليه قبل أيام، تزايداً هائلاً في أعداد المصريين الذين دخلوا إلى الكويت، حيث بلغ خلال 2018 ما معدله 8 آلاف مصري شهرياً، أي نحو 270 يوميا، هذا بخلاف الأعداد التي تلت ذلك هذا العام والتي ربما لا تقل عنها كثيرا! وكشف التقرير أنه جرى إصدار نحو 100 ألف تصريح عمل جديد لمواطنين مصريين خلال عام 2018، في حين أنه تم تجديد تصاريح لـ132 ألفاً آخرين. وإن الكويت جاءت في المرتبة الثانية بعد السعودية، من حيث التصاريح الصادرة للمصريين للعمل في الدول العربية بواقع 230 ألف تصريح، شملت 221 ألفاً من الذكور، ونحو 9 آلاف من الإناث، يشكّلون نحو 22.1 في المئة من إجمالي تصاريح العمل في الدول العربية. وبين التقرير أن أغلبية هؤلاء إما كانوا من حملة مؤهلات تعليمية متواضعة جدا، أو من غير مؤهل ولا تعليم أصلا، ونسبة هؤلاء تزيد على %70. ولو أخذنا عدد سكان السعودية ومساحتها الهائلة في الاعتبار، مقارنة بالكويت، والتي يعمل فيها 50 في المئة من إجمالي تصاريح العمل في الدول العربية، لوجدنا أن عدد تصاريح العمل للمصريين في الكويت هو الأعلى وغير المسبوق، حيث يشكل عددهم، الذي تجاوز السبعمئة ألف، عبئا كبيرا على البنية التحية للدولة وعلى الطرق والخدمات الطبية والأمنية، وستكون القنصلية المصرية التي تتولى شؤون الجالية في الكويت مصدر «وجع راس» أينما كان موقعها. وبيّنت مشكلة مزادات سوق السمك الأخيرة، وتحالف الصيادين المصريين في غالبيتهم، مع الاتحاد الكويتي لصيادي الأسماك، وهو ربما الاتحاد الوحيد الذي لا يتطابق اسمه مع هيئات وعمل أعضائه، خطورة ما كنا نحذر منه من تسليم أي مرفق، خاصة إن تعلّق بثروة غذائية رئيسة واستراتيجية، طالما كانت متوافرة بأرخص الأسعار، بيد أي جهة وقصرها عليها. المشكلة ليست في الأعداد الكبيرة للجالية المصرية، فهم في وطنهم الثاني على الرحب والسعة، ولكن في الخوف من أن هذا التزايد غير طبيعي وهو غير مطلوب أصلا لولا وقوف عصابات تجار الإقامات وراءه، علما بأن خروج المصري من وطنه يتطلب معاملات روتينية مطولة تتضمن توثيق الأوراق والمصادقة على المستندات المطلوبة، ودفع مختلف الرسوم قبل الحصول على تأشيرة الخروج، وكل ذلك بالتعاون مع سفارة الكويت في القاهرة، أو هكذا يفترض. لقد كررنا أكثر من مرة أن أمن الوطن غير قابل للتساهل، ويجب ألا يخضع أي مرفق أو نشاط لسيطرة اي فئة كانت، ومن الضروري تعديل الوضع الخطير الحالي أو على الأقل التحسب لتبعاته الخطيرة مستقبلا، فسيأتي وقت لن يكفي فيه التهديد بالتسفير، أو إلغاء الإقامة، فللناس حقوق، وقد يتأثر أبرياء من القرارات التعسفية، وهذا سيدفع جهات للتدخل في الشأن الداخلي دفاعا عن حقوق هؤلاء وغيرهم.
أحمد الصراف