النصب والاحتيال في «عافية»
يقول الصديق والمسؤول الحكومي السابق ان فكرة عافية، أو توفير الخدمة الطبية والعلاجية للمتقاعدين ليست جديدة، بل تعود الى سنوات، وجاء التفكير فيها بسبب ما كان يلقاه المتقاعد، وخاصة كبار السن، من معاناة في المستشفيات الحكومية بسبب الازدحام الشديد فيها وقلة الأسرة والغرف الخاصة. ولكن مع تضاعف أعداد المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية المجانية، أصبح من غير المجدي استمرار أو وجود مثل هذه الخدمة أساساً. كما أن إجمالي الأقساط التي تدفع لشركة التأمين على توفير العلاج للمتقاعدين يتجاوز المليار دولار سنويا، وهو مبلغ يكفي لبناء أفضل مستشفى للمتقاعدين، ولا حاجة لـ«عافية». وأخبرني صديق آخر أن استغلال بطاقة عافية للتربح أصبح منتشرا بين طبقة من المتقاعدين مع مجموعة من الوافدين، الذين يشجعون المواطن «التالف والخرب» لأن يدعي المرض ويقوم بمراجعة المستشفى الخاص، وبعدها المستشفى الحكومي، وطلب العلاج والفحوصات المختبرية والفحص بالأجهزة المعقدة، لنفس المرض المزيف، وتسلّم الأدوية، وخاصة الغالية الثمن، والحصول بالتالي على «فتات الربح» من الوافد النصاب. كما أصبح شائعا تقريبا في بعض المستشفيات الخاصة الاتصال بالمريض المتقاعد، والطلب منه العودة لإجراء فحص ثان على جهاز طبي، بحجة أن الفحص الأول لم يكن دقيقا، وبالتالي استخدام الفحص لمريض وافد، على حساب عافية. كما دخلت بعض الصيدليات على الخط، وأصبحت تتقاسم ثمن الأدوية، تحت الغطاء التأميني لعافية، مع مدعي المرض، وهكذا أصبح لدينا مستشارون وخبراء في النصب على نظام عافية، وتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من ربح، قبل أن تنجح الشركة في سد الثغرات أو قيام الحكومة بإلغاء النظام. كل هذا ربما يفسر هذا التزايد الغريب مؤخرا في أعداد الصيدليات والمراكز الطبية والمستشفيات! نتمنى على كبار مسؤولي الصحة، وعلى ما تبقى من نواب أفاضل، التفكير جديا في إلغاء هذا النظام الخرب، والاستعجال في بناء مستشفى خاص للمتقاعدين، إن تطلب الأمر ذلك، وحيث ان هذا سيأخذ بعض الوقت فإن من الضروري قيام الحكومة، أو شركة التأمين المعنية أكثر بالموضوع، بفتح مكاتب في المستشفيات الحكومية، تكون مهمة القائمين عليها الاتصال بالشركة للتأكد من أن هذا المواطن لم يقم مثلا بمراجعة مستشفى خاص لتلقي نفس الخدمة أو العلاج أو الدواء، أي يكون هناك نوع من الربط الإلكتروني المباشر online بين المستشفى والشركة، لتفادي عمليات الاحتيال قدر الإمكان. كما يتطلب الأمر مخاطبة أصحاب الصيدليات وتحذيرهم من مغبة استغلال النظام في الإثراء غير المشروع. ما نقترحه هنا يشغل بال الكثير من المخلصين، الذين «قلبهم على ديرتهم»، وهو نوع من الوقاية ضد امراض أصبحت معروفة في المجتمع، ولا شك لدي أن هؤلاء النصابين، وهم فئة معروفة من المواطنين والمقيمين، ستتفتق أذهانهم مستقبلا على طريقة أو وسيلة نصب أخرى، وهكذا هي الحياة، فالشرطة هي التي تلاحق اللصوص والمحتالين وليس العكس.
أحمد الصراف